إلي أين يتم تدنيس القرآن ونحن عاجزون
نرجو الوقفة أين الهوية الدينية
أين الهوية العربية
أين الفاروق عمر بن الخطاب الثاني
أخوكم في الله / أحمد صابر
نشرت مجلة نيوزويك الأمريكية في التاسع من أيار الجاري خبراً عن تدنيس الجنود الأمريكيين للقرآن الكريم في معتقل كوانتناموا سيء الصيت ، ولقد أحدث هذا الخبر ضجة إعلامية كبيرة ، حيث انبرت له المحطات الإخبارية والفضائيات ، وعلّقت عليه الصحف والمجلات ، وعقدت من أجله الندوات والسهرات ، وألقيت الكثير من الخطب والمحاضرات
وإنني في الوقت الذي أكبر في الأمة غيرتها هذه على كتاب ربّها ، وهي الغيرة الطبيعية التي تميز الأمة الحية ، إلا أنني أود أن أسجل لهذا الحدث جملة من الأفكار المشاكسة ، والتي أجملها في النقاط التالية :
لقد ثبت لي في هذه الحادثة ، كما في الكثير غيرها ( أبو غريب مثلاً ) ، بأن الإعلام العربي يتصف بالجبن والنفاق والانتقائية ، فهو لا يجرؤ على تناول أية قضية مهما كانت حساسة وخطيرة في الأمة ، ما لم تأذن به الأوساط الدولية المتنفّذة في العالم وعلى رأسها أمريكا .! والدليل أن هناك عشرات ، بل مئات الإهانات والتجاوزات اليومية التي تحدث للقرآن الكريم ، ورسول القرآن ، وبيوت القرآن ، وحفاظ القرآن ، وأمة القرآن ، في مشارق الأمة ومغاربها ، وخاصة في العراق المذبوح ، وفلسطين السليبة ، فلماذا لم ينتفض الإعلام ، ويحرّك جماهير الأمة لتنتصر لقضاياها ، وتدافع عن مقدّساتها...!!!؟
لقد حدث في فلسطين الحبيبة على مديات سنوات الانتفاضة المباركة من التجاوزات الصهيونية ما يزلزل عرش الله ، وحدث في العراق الجريح في السنوات العشر الماضية ، وعلى الأخص في عاميّ الاحتلال الأخيرين ، وأخص ما حصل في الأنبار والفلوجة وسامراء وتلعفر وغيرها من مدن العراق المجاهدة ، من الظلم الأمريكي ما لا طاقة لبشر على احتماله ، فأين كان الإعلام العربي من ذلك كله ...!!!؟
ولماذا لا ينقل ويعالج إلا ما يسمح به الجلادون والمتآمرون .!!؟
ولقد دنّس الأمريكان القرآن قبل حادثة غوانتناموا الأخيرة عشرات المرّات ، ولكن الأمة بجميع مكوناتها ( حكاماً وشعوباً ونخباً مثقفة ) كانت عاجزة عن أن تقوم بأي فعل مقتدر ، يحفظ للأمة كرامتها ، ويدافع عن حقوقها ومقدّساتها ...
1. لقد دنّس الأمريكان القرآن ، في اللحظة التي أعلن فيها بوش حربه الصليبية القذرة والظالمة على أمة الإسلام ، في أعقاب الحادي عشر من أيلول ( سبتمبر ) ، وساق الدنيا إليها بعصاه الغليظة ، وقسّم العالم ( مع ) أو ( ضد ) وفق أهوائه وأهواء عصابته الصهيونية المتعجرفة .!
2. ولقد دنّس الأمريكان القرآن ، يوم زحفوا ظلماً وعدواناً إلى أفغانستان والعراق ،البلدان المسلمان ، فأحرقوا الأخضر واليابس ، وعاثوا فيهما تقتيلاً وتشريداً وتدميراً ، ومارسوا فيهما ضد القرآن وحملة القرآن ودور القرآن والمؤمنين بالقرآن ما يعفّر وجه التاريخ ويزلزل عرش الرحمن ...!!!
3. ثم دنّسوا القرآن مرّة أخرى ، يوم رفعوا إلى الحكم في بعض تلك البلدان التي احتلوها ، أعداء القرآن من عملائهم ، الذين يسبّون القرآن ، وأمين الوحي والقرآن ، ورسول القرآن ، وحملة القرآن ، ويصفون القرآن بأنه ناقص ومحرّف ، ويتهمون حمَلته من المؤمنين بالإرهابيين .!!!
وهاهم أولاء يعيثون في مساجد القرآن ( في مناطق أهل السنّة ) تخريباً وتدميراً تحت سمع الدنيا وبصرها ، ويسومون أهل القرآن ، وحفاظ القرآن ، ومعلّمي الناس القرآن ، ومشايخ القرآن ، من التقتيل والتشريد والإذلال بما لا طاقة لبشر على احتماله ...!!!
وهاهم أولاء يبثون سمومهم وأحقادهم المجوسية أيضاً ضد القرآن وأمة القرآن من فوق عشرات المنابر والفضائيات التي تسمّي نفسها ( عربية ) ( مسلمة ) ، ومن فوق أراضي (عربية ) ( مسلمة ) كذلك ، دون أن تهتزّ شعرة واحدة في شوارب الحكام والمسؤولين ، ودون أن يكون هناك منبرٌ إعلاميٌّ حقيقيٌّ واحدٌ في الأمة يدافع عن القرآن وأهل القرآن .!!4. ولقد دنّس الأمريكان القرآن يوم أمروا بتبديل المناهج التربوية والتعليمية في الأمة التي تربي الأجيال على أخلاق القرآن ، وأمروا بغلق معاهد القرآن ومدارسها في الأمة ، وأمروا بمنع طباعة القرآن ، ومنع دورات تحفيظ القرآن ، وحاربوا كل الجمعيات الخيرية التي تنفق على طبع القرآن وتحفيظه وتعليمه ...!!!
5. ولقد وصلت بهم القحّة والنذالة في حرب القرآن إلى درجة التلاعب بألفاظه ونصوصه، وإلى درجة تحريفه وحذف الآيات التي لا تعجبهم فيه .!!!
6 . بل عمدوا إلى استبدال القرآن العظيم بغيره ...!!!
لقد فعل الأمريكان كل ذلك وغيره الكثير ، فأين كان الإعلام ، وأين كانت غيرة الأمة على القرآن ...!!!؟
وأين دور الحكام والشعوب والنخب المثقفة مما يحدث للقرآن وأمة القرآن ...!!!؟
إن تدنيس القرآن المادي ودوس الجنود الأمريكان عليه بأقدامهم في كوانتناموا أمرٌ خطير نعم
ولكنها ليست المرّة الأولى التي يدنّس فيها القرآن ، لا مادياً ، ولا معنوياً ...
أما مادياً : فقد دنّس القرآن الكريم في أفغانستان ، في قاعدة ( بكرام ) وغيرها ، وفي ( أبي غريب ) و الفلوجة والرمادي ومعتقلات ( المطار ) و ( بوكا ) الرهيبة وغيرها ...
ففي جميع هذه الأماكن وعشرات المواضع غيرها ، دنّس الأمريكيون القرآن ، فداسوا عليه بأقدامهم ، بل داست عليه كلابهم ، ومسحوا به عوراتهم وألقوا به في المراحيض ...!!!؟
وأما معنوياً : وهو الأهم ( والفتنة أشدّ من القتل ) فقد دنّسوا ( أمة القرآن ) و ( أرض الوحي والقرآن ) وداسوا على أرواح وضمائر وكرامات أهل القرآن ، حتى ملؤوا قلوبنا قيحاً من كثرة ما رأينا من المظالم والمآسي والإذلال والاحتقار ...!!!
فمتى تنتفض أمة القرآن انتفاضة حقيقية ، تدافع فيها عن عقيدتها المهانة ، وكرامتها المسلوبة ، ومقدّساتها المدنّسة ، دفاعاً حقيقياً مشرّفاً ، لا مجرد مواقف إعلامية باردة ومنافقة ، لا تعيد حقوقاً ، ولا تنصر مظلوماً ، ولا تردع ظالماً ...!!!؟
متى يأتي اليوم الذي يتعاون فيه الحكام والمحكومون ، و الأحزاب والمثقفون ، وجميع فئات الأمة وطبقاتها ، ويقفون صفاً واحداً ، ويهتفون بصوت واحد ، ضد الظلم والقهر والتجاوز والعدوان ...!!!؟ ومتى يأتي اليوم نكسر فيه الرؤوس العفنة التي تتآمر على أمتنا ، ونقطع فيه _ من الكتف _ اليد الغادرة التي تمتدّ إلى قرآننا ومقدّساتنا ...!!!؟
متى ترتقي ردود أفعال الأمة ، بجميع مكوناتها ، تجاه جميع قضاياها المصيرية ، إلى درجة الأفعال المقتدرة ، التي تليق بها وبعقيدتها وكرامتها وتاريخها ، بحيث يفكر الأعداء ألف ألف مرّة قبل أن يسمحوا لأي من سفهائهم ومعتوهيهم أن يتجرؤوا ، فيدنّسوا لها أطراف ثوبها ...!!!
د . فواز القاسم / سورية
شبكة البصرة
الاثنين 14 ربيع الثاني 1426 / 23 آيار 2005
يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس
جمعه / أحمد صابر