شبكه ميت عدلان
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


شبكه ميت عدلان ( منتدي اسلامي &ثقافي & برامج كمبيوتر وجوال & سياحه & الرأي وارأي الاخر)
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  

 

 التصوف

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
الزعيم
المدير العام
المدير العام



ذكر عدد الرسائل : 329
البلد : التصوف Caiaa10
تاريخ التسجيل : 30/04/2008

التصوف Empty
مُساهمةموضوع: التصوف   التصوف Icon_minitime1الأحد يوليو 13, 2008 5:37 pm

ما مدى صحة ما قيل بأن التصوف يرجع في نشأته إلى مصادر غير إسلامية ؟ أو أن في أصول التصوف جذورًا تَمْتد إلى التَّشَيُّع ، وأنهما عملا على هدم الدولة الإسلامية السنيَّة، وتعاونا مع أعدائها؟


الإجابة:

إن الأحكام الشمولية والعمومية - وهو ما تُحَاول أن تُرَوِّجه بعض التيارات الفكرية المعاصرة بخصوص التصوف الإسلامي - لا تتصف عادة بالعمق ولا بالتدقيق كما تتعرى في الغالب عن الحياد والإنصاف الذي ينبغي أن يتَّصف بها المسلم في جميع آرائه واتجاهاته.

من ثَمَّ فإن المراجعة الفاحصة والمنصفة لموقف العلماء والباحثين المتخصصين حول التصوف ونشأته ومصادره تؤكد أن التصوف الإسلامي السني نشأ نشأة إسلامية خالصة، ولا يمنع هذا من وجود تيارات واتجاهات صوفية وُجِدَت داخل الحضارة الإسلامية تأثرت بالعديد من العوامل والنظريات والأفكار التي لا ترجع في أصولها وجذورها إلى مذهب أهل السنة والجماعة.

وخلافا لما هو مُرَوَّج له فإننا نجد موقفا واضحا وحاسما ومُشَجِّعا ومؤيدا للتصوف الإسلامي المبني على الكتاب والسنة حتى عند العلماء الذين يُظَنُّ بهم غير ذلك كالإمام أحمد بن حنبل، والإمام تقي الدين ابن تيمية، والحافظ الذهبي، وابن قيم الجوزية، وابن كثير، وابن رجب، والشيخ محمد بن عبد الوهاب.

مصادر التصوف:

كان التصوف عند أول تكونه أخلاقا دينية، فمن الطبيعي أن يكون مصدره الأول إسلاميا، فقد استمد من القرآن والسنة وأحوال الصحابة وأقوالهم، على أن أقوال الصحابة رضي الله عنهم لم تكن تخرج عن الكتاب والسنة، وعلى هذا يكون المصدران الأساسيان للتصوف في الحقيقة هما القرآن والسنة، ومن القرآن والسنة استمد الصوفية أول ما استمدوا آراءهم في الأخلاق والسلوك، ورياضاتهم العملية التي اصطنعوها من أجل تحقيق هدفهم من الحياة الصوفية.

فما من شيء يتحدث عنه فقهاء السَّيْر إلى الله ممن اجتمعت لهم شريعة وتَحَقُّق إلا وله أصله الأصيل في الكتاب والسنة ويتفق الجميع على ضرورة ووجوب الرجوع إلى مصدري الإسلام: الكتاب والسنة، وعدم الخروج عليهما عقيدة ولا شريعة ولا سلوكا، ورد ما خرج عنهما من اعتقادات أو تشريعات أو سلوكيات، فأصول التصوف عند الصوفية الحقيقيين هي الكتاب والسُّنَّة وما يرجع إليهما من مصادر التشريع الأخرى التي ذهب إليها علماء الأمة

فهذا الإمام الجنيد سيد الطائفة يقول: "مذهبنا -ويقصد التصوف- مُقَيَّد بأصول الكتاب والسنة".وقال أيضا: "الطُّرق كلها مسدودة على الخلق إلا على من اقتفى أثر الرَّسول صلى الله عليه وآله وسلم واتّبع سنته ولزم طريقته فإن طرق الخيرات كلها مفتوحة عليه".

وقال الإمام القشيري: "إن شيوخ هذه الطائفة بنوا قواعد أمرهم على أصول صحيحة في التوحيد، صانوا بها عقائدهم عن البدع ودانوا بما وجدوا عليه السلف وأهل السنة من توحيد ليس فيه تمثيل ولا تعطيل، وعرفوا ما هو حق القدم، وتحققوا بما هو نعت الموجود عن العدم

وقال الشيخ أبو الحسن الشاذلي رضي الله عنه: "من دعا إلى الله بغير ما دعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو مُدَّعٍ". وقال أيضا: "ليس هذا الطريق بالرهبانية ولا بأكل الشعير والنخالة، وإنما هو بالصبر على الأوامر واليقين في الهداية. قال تعالى: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآَيَاتِنَا يُوقِنُونَ}" [السجدة: 24]. وقال أيضا: "إذا عارض كشفُك الصحيحُ الكتابَ والسنةَ فاعمل بالكتاب والسنة ودع الكشف وقل لنفسك: إن الله تعالى ضمن لي العصمة في الكتاب والسنة ولم يضمنها لي في جانب الكشف والإلهام".

وقال الإمام الشاطبي عن الصوفية: "إن كثيرًا من الجُهَّال يعتقدون فيهم –أي الصوفية- أنَّهم متساهلون في الاتِّباع، وأن اختراع العبادات والتزام ما لم يأت في الشَّرع التزامه مما يقولون به ويعملون عليه، وحاشاهم من ذلك أن يعتقدوه أو يقولوا به، فأول شيء بنوا عليه طريقتهم اتِّباع السنة واجتناب ما خالفها وقال أيضا: "إن الصوفية هم المشهورون باتِّباع السنة، المقتدون بأفعال السلف الصالح، المثابرون في أقوالهم وأفعالهم على الاقتداء التَّام والفرار عما يخالف ذلك، ولذلك جعلوا طريقتهم مَبْنِيَّة على أكل الحلال واتِّباع السُّنَّة والإخلاص وهذا هو الحق".([sup][[/sup]

وقال الشيخ ابن تيمية في حديثه عن الصوفية: "الصواب أنهم مجتهدون في طاعة الله كما اجتهد غيرهم من أهل طاعة الله، ففيهم السابق الْمُقَرَّب بحسب اجتهاده، وفيهم المقتصد الذي هو من أهل اليمين، وفي كل من الصنفين من قد يجتهد فيخطئ وفيهم من يذنب فيتوب أو لا يتوب

والكلام في علاقة التأثير والتأثر بين التصوف وغيره من التيارات الفكرية والعقدية والفلسفية سواء من داخل الإسلام أو خارجه قد تكفل ببحثه والحديث عنه بالتفصيل العديد من العلماء وكبار الباحثين، وانتهوا إلى أن التصوف الإسلامي السني لا شك أنه بني في أساسه وأصوله على الكتاب والسنة وعقيدة أهل السنة والجماعة، وإن كنا لا ننكر وجود بعض المؤثرات والتأثيرات عند بعض الصوفية، أو خلال بعض أدواره التاريخية، والميزان على الجميع هو الكتاب والسنة كما سبق أن بينا، ويلخص هذا الموقف الدكتور النشار بقوله: ((أنا لا أنكر أبدا كما رددت كثيرا أن العوامل الفكرية الخارجية قد أثرت في التصوف في مراحل متعددة، ولكن لا أستطيع أبدا كباحث محايد أن أنكر نشأة حياة روحية أصيلة عند المسلمين منذ البدء تستند على مصدريهم الكبيرين: الكتاب والسنة)) .

بل إنه مع ما دار من نقاش طويل بين المستشرقين – فضلا عن غيرهم - حول مصادر التصوف الإسلامي، فقد أقر العديد منهم بأثر القرآن الكريم في تكوين نظريات الإسلام الصوفية، ويقرر ماسينيون وبجانبه مرجليوث أن في القرآن البذور الحقيقية للتصوف، وهذه البذور كفيلة بتنميته في استقلال عن أي غذاء خارجي، وبناء على هذا فيجب – كما يؤكد الدكتور إبراهيم مدكور- أن نبحث عن أصول التصوف الإسلامي في الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، قبل أن نذهب للبحث عنها في المصادر الخارجية.

وبعد أن استعرض الدكتور محمد مصطفى أستاذ العقيدة بالأزهر الشريف ما قيل حول مصادر التصوف الإسلامي الخارجية قال: ((تلك هي باختصار أهم الآراء المختلفة في القول برجوع التصوف الإسلامي إلى مصدر خارجي، وكلها تنفي أصالته، وتجحد انتماءه إلى المصادر الثقافية الإسلامية الأصيلة، ولكن الصوفية وجمع كبير من علماء المسلمين ممن انتصروا لقضية التصوف، أو على الأقل نظروا إليه في موضوعية متأنية، رأوا رأيا آخر فالتصوف يضرب في الواقع بجذوره في مصادر الإسلام الأصيلة...))

ومن جهة أخرى فإن الزهد والتصوف ((ليس خصوصية دين سماوي بعينه، وإنما هو مبدأ عام نزل به الوحي في الأديان السماوية الثلاثة، قد يختلف الشكل التاريخي الذي ظهر به من عصر إلى آخر، لكن الجوهر والأساس كان واحدا، ولما قرأ المستشرقون كتب الصوفية لم يفرقوا فيها بين ما هو إسلامي صحيح، وما هو أجنبي دخيل، ولم يفرقوا بين الأصل الصحيح وبين ما طرأ على هذا الأصل من تجاوزات وتطرف، فطردوا قولهم بأن الزهد أثر أجنبي طرأ على الإسلام، ولو قرأوا الإسلام في أصوله لأنصفوا أنفسهم وأنصفوا الحق معهم

ويرى بعض كبار الباحثين أن الخلاف حول مصادر التصوف لا طائل من ورائه ؛ لأن التصوف ظاهرة روحية وثقافية تخضع لما تخضع له الظواهر الاجتماعية من عوامل ومؤثرات، ولا شك في أن تعاليم الإسلام ومبادئه ذات الشأن الأول في نظر المسلمين عامة، عنها أخذوا وبها اهتدوا، وفي مسلك رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه خير قدوة، وحقا إن الإسلام في دعائمه الكبرى ليس دينا صوفيا، ولكنه لا يتعارض مع التصوف، بل على العكس يدعو إلى شيء منه، ويخلص من هذا إلى أن التصوف ظاهرة إسلامية نبتت في جو الإسلام وبيئته، وتأثرت أساسا بفعل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، واعتمدت على ما جاء في الكتاب والسنة، وشاركت المدارس الإسلامية الكبرى في بعض ما عرضت من مشاكل، ولكنها كالظواهر الإسلامية الأخرى لم تسلم مما سرى إليها من عوامل خارجية، فالبيئة الإسلامية لم تسلم من الدخيل، من أشخاص وآراء، ومن الأفكار ما يجري مجرى الهواء دون أن يعرف له أصل واضح ولا مصدر صريح، ومنها ما يمكن تتبع تسلسله والوقوف على منبعه، ومن التعجل القطع بنسب أو علاقة ما بغير دليل، وليس من اليسير أن نجزم بأن عملا أو رأيا صوفيا معينا قد أخذ عن مصدر أجنبي شرقي أو غربي، إلا إن قام دليل قاطع، وقد يتوسع بعض الباحثين في ذلك توسعا أقرب إلى الظن والتخمين، وبوجه عام لا تخلو محاولة تفسير الظواهر الإنسانية في ضوء عامل واحد من تعسف، ويجدر بنا أن نبدأ أولا بتفسير التصوف الإسلامي على أساس من الظروف المحلية، فإن عز علينا ذلك بحثنا عن الأشباه والنظائر في الثقافات الأجنبية(
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://7baybna.ahladalil.com
الزعيم
المدير العام
المدير العام



ذكر عدد الرسائل : 329
البلد : التصوف Caiaa10
تاريخ التسجيل : 30/04/2008

التصوف Empty
مُساهمةموضوع: رد: التصوف   التصوف Icon_minitime1الأحد يوليو 13, 2008 5:42 pm

لا علاقة للتصوف السنى بالتشيع :

وقد اتُّهِمَ التصوف بعامة بأن جذوره تتَّصل بالتَّشيع وهذا غير صحيح على إطلاقه، فالتصوف الإسلامي السني ليس له علاقة بالتشيع من حيث النشأة أو الفكر أو طريقة التَّعلم أو الأصول والغايات أو غير ذلك -كما وضَّحنا، فالتصوف الإسلامي السني المنتشر في طول البلاد الإسلامية السنية وعَرْضِها ليس له علاقة بالتشيع لا على مستوى الأصول ولا على مستوى النظريات، ولا على مستوى الرجال وأعلام التصوف، ولا حتى على مستوى الممارسات اليومية.

فعلى مستوى الرجال وأعلام التصوف، سنجد أن كثيرا من كتب طبقات الأولياء كالحلية وطبقات الشعراني تبدأ بترجمة الخلفاء الراشدين الأربعة على ترتيبهم عند أهل السنة فتبدأ بذكر أبى بكر الصديق فعمر بن الخطاب فعثمان بن عفان فعلى بن أبى طالب رضي الله عنهم أجمعين، ومن جهة أخرى فإن أعلام التصوف السنيين - وكثير منهم من الأشراف المنتسبين لآل البيت – مذكورون في كتب طبقات التصوف وكتب التاريخ المختصة بأعلام أهل السنة، ولا ذكر لهم في كتب أعلام الشيعة.

كما سنجد في أعلام التصوف كثيرين من أشراف آل البيت، سنجد أيضا فيهم كثيرين ممن ينتسبون – من حيث النسب – إلى سيدنا أبى بكر الصديق كالسادة البكرية بمصر، ومنهم من ينتهي نسبه إلى سيدنا عمر بن الخطاب كالشيخ محمد بن عنان وهو من كبار أولياء مصر وإليه ينتهي نسب السادة العنانية بمصر، وله ترجمة في طبقات الشعراني، وكذلك الشيخ العارف الكبير الإمام الرباني أحمد السرهندي الفاروقي مجدد الألف الثانية، وكذلك الشيخ خالد ضياء الدين وينتهي نسبه إلى سيدنا عثمان بن عفان، وكلاهما من كبار رجال النقشبندية وعليهما تدور سلاسل هذه الطريقة. ومن جهة أخرى فليس في طبقات الصوفية التي بين أيدينا ترجمة لأحد من أعلام الشيعة، إلا من كان من الشخصيات الإسلامية العامة كسيدنا على بن أبى طالب أو ابنيه السيدين الحسن والحسين، وغيرهما من أعلام آل البيت الذين لا تختص بهم فرقة دون أخرى، ولا يعنى ترجمة أحد منهم في رجال التصوف أن التصوف صار شيعياومن جهة الممارسات اليومية فسنجد مثلا رايات الطرق الصوفية مثلا تكتب في أركانها أسماء الخلفاء الراشدين الأربعة (أبو بكر – عمر – عثمان – على)، وهو ما يؤكد سنية هذه الطرق.

كل ما تقدم يؤكد على سريان أصول أهل السنة والجماعة في التصوف السني بداية من الأصول النظرية والفكرية ومرورا بالأعلام والرجال وانتهاء بالممارسات اليومية.

على أن البحث في الصلة بين التصوف والتشيع هو بحث قديم أدلى فيه العديد من العلماء والدارسين بآرائهم، فمن هؤلاء الإمام ابن خلدون الذي - مع تصوفه الأصيلرأى أن هناك بعض التيارات الصوفية المتفلسفة تأثرت بالتشيع، كما أن هذا الموضوع تناوله بالبحث بعض الدارسين المعاصرين، وإن انتهوا إلى نتائج متفاوتة، والذي نراه هو ما قدمناه أن التصوف السني الأصيل لا علاقة له بالتشيعوالشيعة هم الذين انتحلوا التشيع لعلي كرم الله وجهه، وقالوا إنه الإمام بعد الرسول -صلى الله عليه وسلم- بالنص الجلي أو الخفي وأنه الوصي بعده بالاسم أو الوصف دون الصديق وعمر وعثمان رضي الله عنهم أجمعين، وأن الإمامة لا تخرج عنه ولا عن أولاده وإن خرجت فبظلم من غيرهم أو بتقية منه أو من أولاده.

والشيعة فرق متعددة منها ما تطرف في التشيع حتى خرج عن ربقة الإسلام بمزاعم مُكَفِّرة ومعتقدات باطلة، فمنها فرقة تزعم أن الإله قد حلَّ في علي وأولاده وأنه قد ظهر بصورتهم ونطق بألسنتهم وعمل بأيديهم.

ومن عقائد بعض فرق الشيعة الغلاة القول بتحريف القرآن، وتكفير الصحابة، وعدم أحقيَّة خلافة الخلفاء الراشدين الثلاث الأوائل: أبو بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان. ويرى متبعي الشيعة أن الإمامة منصوص عليها ومحددة من قبل الله، بينما يرى أهل السنة أن الإمامة لم يتم تحديدها من قبل الله، والإمامة فضل من الله يتفضل به على من يشاء من عباده وليست خاصة لأحد.

ومن أصولهم أيضا تكفير بعض الصحابة وخاصة عند الغلاة منهم، ومنها العصمة لأئمتهم، فالأئمة عندهم معصومون كالأنبياء، واستخدامهم التقية.

بهذا تبين لنا أن أصول الشيعة وعقائدهم تخالف أصول الصوفية السنيين جملة وتفصيلا، أما ما قاله البعض من أن الصوفية شاركت الشِّيعَة في الْمُغَالاة في حُبِّ آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو علي بن أبي طالب كرم الله وجهه وذريَّته، فأمر مردود؛ لأن الصوفية لم يغالوا في حُبٍّ آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل أحبُّوهم وأحبوا جميع الصحابة رضوان الله عليهم، وكيف لا! وقد أُمِرْنَا بِحُبِّ آل بيت النُّبوة، قال تعالى: {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} [الشورى: 23] فالآية تُوصِي بحبِّ قرابته صلى الله عليه وآله وسلم ومودتهم، وجعل محبتهم في أعماق قلب كل مسلم.

والمغالاة لا تكون في المحبة، إنما تكون في الاعتقاد، فطالما كان المسلم سليم الاعتقاد فلا حرج عليه في محبة أهل البيت رضوان الله عليهم جميعا، ومحبة أهل البيت درجات يرزقها الله لمن أحبه، فكلما زاد حب المسلم لآل البيت ارتقى بهذا الحب في درجات الصالحين؛ لأن حب أهل البيت الكرام علامة على حب الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وحب الرسول صلى الله عليه وآله وسلم علامة على حب الله عزَّ وجل، وفي هذا المعنى قال الإمام الشافعي رضي الله عنه:

إن كان رفضًا حب آل محمد ... فليشهد الثقلان أني رافضي

أما القول بأن الصوفية أثبتت العصمة لشيوخهم كما أثبتت الشيعة العصمة لأئمتهم، فهو مردود أيضا؛ لأنه لا عصمة لكائن من كان إلا من عصمه الله وهم الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، واعتقاد الصُّوفِيَّة في مشايخهم لا يخرج عن كونهم مُرْشِدين ناصحين لا معصومين، وإن كان الله يحفظ بتوفيقه وعنايته وإرشاده من شاء من عباده من الوقوع في المعاصي، والحفظ غير العصمة، فهذا الإمام الجنيد يُسَأل: هل يزني الولي؟ فقال: {وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا} [الأحزاب: 38].[b] وهذا الجواب لا يخرج إلا من عالم قد مُكِّن من الحجة، فلو قال: نعم! لعارض قول الحق {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [يونس: 62]، ولو قال: لا! لاتَّهم الناسُ الصوفيةَ بالقول في عصمة المشايخ.
وأما ما قيل بأن الصوفية والشيعة عملا على هدم الدولة الإسلامية السنيَّة، وتعاونا مع أعدائها، فقد ساعد الشيعةُ التتارَ – على ما يذكره المؤرخون – على الدخول إلى بغداد عاصمة الخلافة فخرب بلاد الإسلام وقتل من المسلمين ما لا يحصيه إلا رب الأنام. وكذلك ما قيل من أن المتصوفة يسير أكثرهم في ركاب الظَّلَمة والمستعمرين، لأنهم تربوا على ذلك.

وهذا كلام مردود أيضا وكله مغالطات، لأن الصوفية لهم دور ملحوظ في الجهاد في سبيل الله، وقد ظهر دورهم هذا في المعارك الكبرى فهذا القائد نور الدين زنكي الذي حارب الصليبية المشهور الورع التقي الصوفي، كان جليس رجال التصوف وهو الذي قرر كتاب إحياء علوم الدين للجيش كله وهو من أشهر كتب التصوف) والقائد البطل صلاح الدين الأيوبي الذي حرَّر بيت المقدس، كان يوصف بالصُّوفي الزاهد الورع النقي التقي، وللشيخ أبي الحسن الشاذلي جهاده المعروف ودوره في معركة المنصورة([كما كان المرابطون في الثغور والأربطة – على طول البلاد الإسلامية وعرضها شرقا وغربا - جميعهم من الزهاد والعباد والصوفية، فكانوا يتخذون من الأربطة والثغور هدفا لإحياء سنة الجهاد والرباط في سبيل الله، بالإضافة إلى التخلي لعبادة الله تعالى وتهذيب النفس. وفي ذلك يقول الدكتور حسين مؤنس: "وهذه الصوفية المجاهدة استمرت بعد ذلك في عالم الإسلام، وإليها يرجع الفضل في إنقاذه من أزمات الصليبيات والمغول، فقد كان رجال هذه الطرق هم القوة الضاربة المقاتلة في كل معارك الإسلام الكبرى مثل حطين وعين جالوت بحمص، وكان أولئك الصوفيون المجاهدون يسمون في المراجع بالمطوعة وهم زهاد ومتصوفة ومريدون يخرجون للقتال حسبة لله تعالى ويبلون أعظم ما يبلي الجنود المحترفون، وأخبارهم كثيرة فيما بين أيدينا من المراجع])

وقد امتد هذا الدور في العصر الحديث، فلكثير من الطرق الصوفية دور لا ينكر في مقاومة الاستعمار الغربي، كما حدث في الجزائر والمغرب، وكثر من بلاد إفريقية، وكذلك في آسيا حيث ساهمت الطرق في محاربة الشيوعية، ويأتي على رأس هؤلاء في العصر الحديث الأمير عبد القادر الجزائري، وأحمد بن الصديق الغماري المغربي، والحركة السنوسية في ليبيا ومنها المجاهد الكبير عمر المختار، والأربطة والزوايا الصوفية نشأت أساسا في تفاعل الرباط في سبيل الله والتصوف أو الجمع بين الجهادين الكبير والأكبر، كما ذكر الشيخ زاهد الكوثري في بعض مقالاته نماذج عدة لدور الصوفية في الجهاد ومقاومة الاستعمار.كما كان لكثير من الطرق الصوفية أثرها في نشر الإسلام في البلاد التي وجدت فيها هذه الطرق ؛ "لأن هذه الطرق تنظيمات تقوم على الدين والإيمان وتعمل لخير الدين والإيمان، عملا منظما مستمرا"().



وأخيرا نقول: إن التصوف الإسلامي السُّنِّي يضرب في الواقع بجذوره في مصادر الإسلام الأصيلة، ولم يرجع في نشأته إلى مصادر غير إسلامية، ولا تمتد جذوره إلى التشيع؛ لأنه لا علاقة للتصوف الإسلامي السُّنِّي بالتشيع لا من حيث النشأة أو الفكر أو طريقة التَّعلم أو الأصول أو الغايات أو حتى الممارسات الشعبية وغير ذلك.

المصادر والمراجع

1) ابن تيمية والتصوف، مصطفى حلمي (الأستاذ بدار العلوم – القاهرة)، الإسكندرية: دار الدعوة، ط 2، 2) الاعتصام، للشاطبي، ضبط ومراجعة: أبو عبيدة مشهور بن حسن آل سلمان، مكتبة التوحيد.

3) البهجة السنية في آداب الطريقة العلية الخالدية النقشبندية، للخانى، تركيا: وقف الإخلاص، 1423 هـ / 2002 م.

4) التصوف الإسلامي – رياضة روحية خالصة، د. سعيد مراد (رئيس قسم الفلسفة – آداب الزقازيق)، القاهرة: عين للدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية، ط 1، 1423 هـ / 2003م.

5) التصوف الإسلامي في ميزان الكتاب والسنة، د. عبد الله يوسف الشاذلي (الأستاذ بجامعة الأزهر الشريف)، طنطا: مكتبة الأزهر الحديثة، 2002.

6) التصوف في الإسلام وأهم الاعتراضات الواردة عليه، د. محمد عبد اللطيف العبد ، دار النصر، ط 2، 1419 هـ / 1999 م، (ص 13 – 36).

7) الحياة الروحية في الإسلام، د. محمد مصطفى حلمي (أستاذ الفلسفة بآداب القاهرة) ، القاهرة: الهيئة العامة للكتاب، الطبعة الثانية، 1985م.

الرسالة القشيرية، تحقيق: عبد الحليم محمود، ومحمود بن الشريف، القاهرة، دار الشعب، د ط، 1409هـ/ 1989م.

9) الصلة بين التصوف والتشيع، د كامل مصطفى الشيببى، القاهرة: دار المعارف، ط 2، 1969 م.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://7baybna.ahladalil.com
 
التصوف
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
شبكه ميت عدلان  :: الفئه :: المنتدي العام :: المنتدي الثقافي-
انتقل الى: