اتشحت مدينة «نبروه» بمحافظة الدقهلية بالسواد مساء أمس الأول، واحتشد أكثر من ٥ آلاف مواطن، لوداع جثمان شهيد الواجب، المجند أحمد محمد الحسانين، الذي لقي مصرعه علي الحدود المصرية ـ الإسرائيلية منذ أيام برصاصات مهربي المخدرات،
وشيعت جنازته من مسجد أبوالغيط إلي المدافن فيما تقدم سائق طالباً استماع السلطات لشهادته، وذكر أن القاتل أخبره تليفونياً بمقتل الجندي وهدده إذا أخبر أحداً، لكنه أصر علي التقدم بشهادته.
قال أيمن، شقيق الشهيد: «أخي مجند في الأمن المركزي بقطاع رفح، علي الحدود، وفوجئت باتصال هاتفي منه منذ أيام وقال لي، بصوت خافت: (تعال بسرعة أنا انضربت بالنار) وسكت الصوت ولم أصدق المكالمة حتي فوجئت بعدها باتصال من أحد أبناء القرية، يدعي السيد، يتصل بي ويقول: (أنا عايزك ضروري علشان مشكلة خاصة بأخوك أحمد) وكنت وقتها في القاهرة حيث أعمل سائقاً».
وأضاف: عندما جاءني قال لي (لازم تروح رفح حالاً لأن أخوك بيموت في المستشفي وإن البدو ضربوه بالنار علي الحدود لأنه رفض يساعدهم في تهريب حشيش)، ولم أصدق نفسي، ولا صديقي، حتي وصلنا المستشفي ووجدنا جثة أخي في الثلاجة بالملابس الداخلية فقط، وساعدنا الرائد محمد حمادة، من القطاع نفسه، في إنهاء الإجراءات وتسلم الجثة.
وقالت الحاجة «والدة الضحية» وهي في حالة انهيار: آخر مرة شفت فيها أحمد كان من ٢٠ يوماً وقال لي «يا أما ادعي لي» لأن أنا خايف البدو بيهددوني علشان أساعدهم في تهريب مخدرات لمصر مقابل ١٠ آلاف جنيه في المرة الواحدة ولما رفضت هددوني بالقتل، منهم لله كان نفسي أجوزه وأفرح بيه قبل ما أموت.
وسقطت الأم مغشياً عليها بعد أن صرخت قائلة: «ناري مش هتبرد قبل ما آخذ بتاري منهم حسبي الله ونعم الوكيل في الغدارين الكفرة».
وقال السيد محمد أبوعزب: أعمل سائقاً علي طريق رفح، وتربطني صداقة بأحمد، لأنه كان شاباً مؤدباً.. وكان معايا علي طول وكان يحكي لي كل حاجة وقال لي «إن فيه واحد اسمه إبراهيم، من البدو العرب،
طلب منه يساعده في تهريب المخدرات مقابل ١٠ آلاف جنيه ولكن أنا رفضت فهددني بالقتل» ولأنني أعرف إبراهيم طلبت منه الابتعاد عن أحمد لأن مالوش في السكة العوجة بتاعتهم فقال لي: إقنعه واحنا نديك الحلاوة فرفضت.
وأضاف: يوم الحادث فوجئت باتصال من أحمد يقول لي: مش قلت لك هيقتلوني وبعدها انقطع الخط فاتصلت بإبراهيم من البدو وسألته: ريه اللي حصل لأحمد فهددني قائلاً: «البقية في حياتك ولو سيرتنا جت في أي شيء هتحصل أحمد فخليك في حالك» وعلشان كده لم أسافر رفح، ونفسي يفتحوا تحقيق وأنا أشهد بكل اللي أعرفه لأن معي تليفون إبراهيم وشاهد علي الحوار اللي دار بينه وبين أحمد.
«نفسي الحكومة تاخد بحق ابني لأنه شهيد ومات أثناء الخدمة».. هكذا بدأ الحاج محمد، والد الشهيد كلامه، وأضاف: «للأسف لم يتحرك أحد من الحكومة وكل اللي عملوه إنهم بعتوا لنا ٥٣٠ جنيه تعويض ومصاريف للجنازة وكأن دم ابني راح هدر».
وطالب الأب النائب العام بفتح تحقيق في واقعة مقتل ابنه علي الحدود من قبل البدو، كما طالب الرئيس مبارك بتكريمه بالشكل اللائق قائلاً: «كنت أتوقع يعملوا له جنازة عسكرية مش ييجي بالليل ويندفن في هدوء».
وأشار عدد من المجندين، زملاء الشهيد، الذين حضروا لتقديم واجب العزاء، إلي أن هناك مغريات كثيرة لهم علي الحدود مع إسرائيل سواء من البدو أو الإسرائيليين وأن كل يوم هناك مصابون بينهم بسبب التصدي لمحاولات التهريب