نقل هذا الحوار عن الكاتب دانيال ويليامز في جريدة «بلومبرغ نيوز» الدولية في تاريخ 28/10/2008 .
يبدو أن الجيل الشاب في «الاخوان المسلمين» المصرية بدأ يخالف آراء الجيل الذي سبقه، ويدلي بدلوه في سياسة الجمعية (الحزب). واضطر المدوّن المصري عبد المنعم محمود الى تعليق نشاطه في «الاخوان المسلمين»، اثر انتقاده سياسة «الاخوان» على صفحة مدونته الالكترونية «أنا إخوان». وعارض محمود حظر «الاخوان» الترشح على النساء والنصارى الى مناصب عليا في المؤسسات المصرية. فطلبت الحركة من محمود التوقف عن نشر مدونته، أو الخروج من صفوفها. فعلّق محمود أنشطته في المنظمة، على رغم أنه يرى أنه عضو فيها. و«درج شباب الاخوان المسلمين على طاعة قادة الحركة، وقبول آرائهم من دون مناقشة... ولكن بعضهم اليوم لا يرغب في الصمت. ويستاء القادة من كلامهم»، على ما يقول محمود. وهو واحد من جيل جديد من المدونين الاسلاميين في الشرق الاوسط الذين يتداولون مسائل بلدهم الداخلية على الشبكة الالكترونية. ويوالي هؤلاء الشباب المدونون الاسلاميون «الاخوان المسلمين»، ولكنهم، على خلاف قادتهم، يرون أن قراراتها هي موضع مناقشة.
والى وقت قريب، احتكر ناشطون ديموقراطيون مصريون النشر في حيز المدونات الالكترونية. ونقل هؤلاء أخبار الاضرابات في مصر، وكشفوا قضايا تعذيب واعتقال تعسفي، واعترضوا على الحجر على تداول الرؤساء السلطة في بلادهم. ولكن عدوى التدوين أو الـ «بلوغ» انتقلت، أخيراً، الى الاسلاميين. وسار المدونون الاسلاميون الجدد على خطى دعاة الديموقراطية وحقوق الانسان من المدونين المصريين. وقبل نحو عامين، بدأ عدد من «الاخوان»، ومعظمهم في العشرين من العمر، ينشرون أخبار اعتقال الشرطة «اخوانهم» في الحركة، وأخبار تعرضهم للتعذيب. وبادر بعض آخر منهم الى انتقاد سياسة «الاخوان المسلمين» ومناقشة أحكامها. ونشروا تفاصيل وثيقة سياسية داخلية تحظر على النساء والنصارى تولي قيادة بلد غالبية سكانه من المسلمين.
ويرى مجدي سعد (30سنة)، وهو مدير في شركة عقارات وصاحب مدونة «يلا مش مهم»، أن انتقاده وزملاءه سياسة «الاخوان» لا dلحق الضرر بالجماعة، بل «dؤنسن» وجهها، وdضفي عليها طابعاً انسانياً. ولا يشاطر قادة «الاخوان» المدونين المشاغبين الرأي، بل يستنكرون مناقشاتهم وآراءهم. فطوال ثمانية عقود، أي منذ تأسيسها الى اليوم، عرفت جماعة «الاخوان المسلمين» بانضباط اعضائها، وتسترهم على مناقشاتها الداخلية، وإبقائهم طي الكتمان لائحة أسماء المنتسبين إليها لتفادي ملاحقة القوات الحكومية لهم. و«الاخوان المسلمون» هم قدوة عدد من المنظمات الاسلامية بالشرق الاوسط، على غرار «حماس» الفلسطينية، و«جبهة العمل الاسلامي» الاردنية.
ويبدو أن محمود وسعد لا يخشيان تبعات عرض آرائهما على شبكة الانترنت، على رغم أن قوات الامن سبق أن ألقت القبض عليهما بتهمة الانتماء الى «الاخوان المسلمين». وعند لقائه بهما في مكان عام، لم يتلفت هذان الشابان الى الوراء أثناء كلامهما معه . فعلى ما يقول محمود: «الحكومة تعرف من نحن». وفي مدونته « وايفز ان اي سي اوف شاينج» (موجة في بحر التغيير)، كتب طبيب الاسنان مصطفى النجار(29سنة): «ليس معيباً مراجعة أفكارنا أو تغيير مواقفنا». ودعا النجار الى إشراك الشباب في القرارات المهمة في المنظمة، وألا يبقى اختيار قادة «الاخوان» حكراً على من هم فوق الاربعين من العمر، وأن يسمحوا «للثلاثينيين» اختيار قادتهم.
وتقر جماعة «الاخوان المسلمين» أن الـ «بلوغينغ» او التدوين الالكتروني، أفضى الى تسلل الانقسام في الرأي الى جسم الجماعة. وبحسب عبد المنعم علي البربري، وهو طبيب ومسؤول في «الاخوان المسلمين»، يبلغ عدد أصحاب المدونات الالكترونية من «الاخوان» نحو 150 مدوناً. وهو يؤيد أنشطة المدونين، ولكنه يدعوهم الى الإقلاع عن التهجم على قادة «الاخوان»، والى التزام النقد البناء أو الايجابي، والتخلي عن كشف مصادر تمويل الجماعة.
ويرى البربري أن المدونات تسمح لقادة «الاخوان» بمجاراة العصر، ومتابعة أحوال جماعتهم وآراء قاعدتهم الشعبية، في وقت يكاد الاجتماع بهم أن يكون مستحيلاً. فعدد كبير من قادة «الاخوان» في السجن.
وتحظر القوانين المصرية تجمع أكثر من خمسة أشخاص من دون إذن. ويقول المسؤول في الاخوان، علي عبد الفتاح (50سنة)، إن اختلاف أعضاء «الاخوان» في الرأي حول عدد من القضايا هو أمر عادي. ولكنه يعارض الميل الى الاختلاف، ونشر موضوعاته (الاختلاف) على الانترنت. ويقول عبد الفتاح: «الاخوان محصنون من الانقسام. ونحن لا نريد أن نعطي الاخرين انطباعاً بأن وحدتنا مهددة وأن الفرقة تسللت الى صفوفنا». وبحسب عبد الفتاح، لن تعيد لجنة «الاخوان المسلمين» النظر في قرار حظر تولي المرأة والنصارى رئاسة البلاد. فبعض الاحكام أساسي وغير قابل للتغيير.