الزعيم المدير العام
عدد الرسائل : 329 البلد : تاريخ التسجيل : 30/04/2008
| موضوع: الإمام ابن القيم الجوزية الأحد ديسمبر 21, 2008 11:32 pm | |
| اسمه و نسبه :
هو محمد الملقب بشمس الدين و يكنى أبا عبد الله ، و هو في النسبة زَرْعيٌّ ( نسبة إلى بلدة إزرع في حوران ) و اسم والده أبو بكر بن أيوب : ولد في دمشق عام 691 هـ على ما قاله ابن رجب الحنبلي حيث قضى حياته و توفي هناك ودفن فيها و كان والده قيّم المدرسة الجوزية فقيل له : ابن القيم الجوزية ، نسبة إلى منصب والده ، و يؤثر بعض الناس الإيجاز فيقولون : ابن القيم .
سمع الحديث من الشهاب النابلسي ، و القاضي تقي الدين أبي الفضل سليمان بن حمزة و فاطمة بنت جوهر و عيسى بت المطعم الحجار و أبي بكر ابن عبد الدائم و غيرهم من شيوخ عصره .
برع في الفقه على المذهب الحنبلي و أفتى و لازم ابن تيمية حتى آخر لحظة من حياته ، يقول الحافظ الكبير ابن كثير : ( لازمه إلى أن مات الشيخ فاخذ عنه علماً جماً ) .
مكانته العلمية :
شارك في جميع العلوم الإسلامية و لكنّه تفرد بالتفسير كما يقول الحافظ ابن رجب و نبغ في أصول الدين و بلغ فيها إلى القمة و لم يوجد له نظيرٌ في الحديث و فقه الحديث و دقائق الاستنباط . كما برع في الفقه و أصول الفقه و العربية و علم الكلام و حصلَ له إطلاعٌ واسع على إشارات أهل القلوب و دقائق أصحاب المعرفة و التصوف .
زهده و عبادته :
كان كثير العبادة ، كثيرَ إحياء الليالي ، يطيل الصلاة ، و يخشع فيها ، يداوم على ذكر الله و يغلب عليه ، و يأخذ بمجامع قلبه حبُّ اللهِ و حالة خاصة من الإنابة إليه ، يعلو وجهه نورٌ من التواضع و الافتقار إلى الله ، حجّ مرّاتٍ عديدة و أقام بمكة المكرمة مدةً طويلةً يحكي أهل مكة حكايات عن كثرة عبادته و طوافه مما يبعث على الاستغراب و الدهشة .
محنته :
مرّ بمراحل المحنة و المجاهدات الشاقة كأستاذه و شيخه عندما حُبِسَ شيخه ابن تيمية ( رحمهما الله تعالى و رضي عنهما ) في القلعة في المرّة الأخيرة حُبِسَ هو معه أيضاً و لكن فُرّق بينهما في السجن ، و أفرج عنه بعدَ وفاة شيخه ، و قد ظلّ طوال هذه المدة مشغولاَ بتلاوة القرآن و دراسة معانيه و التدبر فيه .
تلاميذه و معاصروه يعترفون بفضله : تلقى عنه العلم َ جماعةٌ كبيرة من العلماء في حياة شيخه ابن تيمية و بعد وفاته ، و استفادوا من مناهل علمه ، و كان علماؤه المعاصرون يبجلونه كثيراً و يرون التلمذة عليه شرفاً كبيراً ، فمن تلاميذه : ابنُ عبد الهادي ـ ابن رجب الحنبلي ـ و لقد قال عنه القاضي برهان الدين الزرعي : لا يوجدُ الآن رجلٌ أوسع علماً منه تحت هذه السماء .
التدريس و التأليف :
قام ابن القيم بتدريس العلوم الشرعية في المدارس الصدرية و تولى إمامة المدرسة الجوزية مدة طويلة و قد ألف بقلمه كتباً كثيرة يشهدُ ابنُ رجب بشغفه الزائد بالكتابة و المطالعة و التأليف و اقتناء الكتب و نتيجة لهذا الشوق تألفت لديه مكتبة واسعة ، كانت تحتوي على كثير من الكتب الخطية التي انتسخها بيده .
بماذا تمتاز مؤلفاته :
تمتاز مؤلفاته بحسن الترتيب ، و جودة التأليف . و هي تفوق في هذا المجال مؤلفات شيخه ابن تيمية أيضاً و هي بجانب ذلك تتميز برقة الأسلوب و سلاسة العبارة و تأثيرها و لعل ذلك جاء من قِبَلِ نفسِته التي تحلت بالجمال أكثر منها بالجلال .
بعض مؤلفاته :
تهذيب سنن أبي داود ـ مدارج السالكين ـ زاد المعاد في هدي خير العباد صلى الله عليه و سلم ( و هو من أنفس و أروع كتب السيرة ) جلاء الأفهام في الصلاة و السلام على خير الأنام صلى الله عليه و سلم ـ إعلام الموقعين ـ الكافية الشافية في الانتصار للفرقة الناجية ـ حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح ـ الداء و الدواء ـ بدائع الصنائع ـ الكلم الطيب و الوابل الصيب ـ كتاب الروح ـ الفوائد ـ الفروسية ـ روضة المحبين و نزهة المشتاقين ـ إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان ـ طريق الهجرتين و باب السعادتين ـ و غيرها الكثير .
توفي في 13 رجب 751 هـ يوم الأربعاء ليلاً و صلّي عليه في اليوم الثاني بعد صلاة الظهر في المسجد الجامع ( أي الأموي ) و دفن في مقبرة الباب الصغير رحمه الله تعالى و رفع درجاته .
ما قاله عنه صديقه الحافظ و الإمام الكبير ابن كثير رحمه الله تعالى : ( ثم دخلت سنة إحدى و خمسين و سبعمائة و في ليلة الخميس ثالث عشر من رجب وقت آذان العشاء توفي صاحبنا الشيخ الإمام العلامة شمس الدين محمد بن بكر بن أيوب الزرعي إمام الجوزية و ابن قيمها و صلي عليه بعد صلاة الظهر من الغد بالجامع الأموي و دفن عند والدته بمقابر الباب الصغير رحمه الله تعالى . ولد سنة إحدى و تسعين و ستمائة و سمع الحديث و اشتغل بالعلم ، و برع في علوم متعددة لا سيما علم التفسير و الحديث و الأصلين و لما عاد الشيخ تقي الدين بن تيمية من الديار المصرية في سنة ثنتي عشرة و سبعمائة لازمه إلى أن مات الشيخ فأخذ عنه علماً جماً مع ما سلف له من الاشتغال فصار فريداً في بابه في فنون كثيرة مع كثرة الطلب ليلأً و نهاراً و كثرة الابتهال . و كان حسن القراءة و الخلق كثير التودد لا يحسد أحداً و لا يؤذيه و لا يستعيبه و لا يحقد على أحد و كنت من أصحب الناس له و أحب الناس إليه و لا أعرف في هذا العالم في زماننا أكثر عبادة منه و كانت له طريقة في الصلاة يطيلها جداً و يمد ركوعها و سجودها و يلومه كثير من أصحابه في بعض الأحيان فلا يرجع و لا ينزع عن ذلك رحمه الله تعالى و له من التصانيف الكبار و الصغار شيء كثير و اقتنى من الكتب مالا يتهيأ لغيره تحصيل عشره من كتب السلف و الخلف ، و بالجملة كان قليل النضير في مجموعه و أموره و أحواله و الغالب عليه الخير و الأخلاق الصالحة سامحه الله و رحمه ، و قد كان متصدياً للإفتاء بمسألة الطلاق التي اختارها الشيخ تقي الدين بن تيمية و جرت بسببها فصول يطول بسطها مع قاضي القضاة تقي الدين السبكي و غيره و قد كانت جنازته حافلة رحمه الله شهدها القضاة و الأعيان و الصالحون من الخاصة و العامة و تزاحم الناس على حمل نعشه و كمل له من العمر ستون سنة رحمه الله تعالى ) ا .هـ .. تمت بحمد الله و عونه .
المراجع المعتمدة : 1 ـ كتاب رجال الفكر و الدعوة في الإسلام بقلم الداعية الحكيم السيد أبي الحسن علي الحسني الندوي . المجلد الثاني ، الباب الثالث ، صفحة 303 . طباعة دار القلم بدمشق ، الطبعة الأولى .
2 ـ كلام الإمام ابن كثير رحمه الله تعالى من كتابه البداية و النهاية في المجلد التاسع طبعة دار الفكر بدمشق الصفحة 491 تحت عنوان ( ثم دخلت سنة إحدى و خمسين و سبعمائة : ترجمة الشيخ شمس الدين بن القيم الجوزية | |
|