المستنجد بالله أبو المظفر يوسف بن المقتفى ولد سنة ثمان عشرة وخمسائة وأمه أم ولد كرجية اسمها طاوس خطب له أبوه بولاية العهد سنة سبع وأربعين وبويع له يوم موت أبيه وكان موصوفا بالعدل والرفق أطلق من المكوس شيئا كثيرا بحيث لم يترك بالعراق مكسا وكان شديدا على المفسدين سجن رجلا كان يسعى بالناس مدة فحضره رجل وبذل في عشرةآلاف دينار فقال أنا أعطيك عشرة آلاف دينار ودلني على آخر مثله لأحبسه وأكف شره عن الناس قال ابن الجوزي وكان المستنج موصوفا بالفهم الثاقب والرأي الصائب والذكاء الغالب والفضل الباهر له نظم بديع ونثر بليغ ومعرفة بعمل آلات الفلك والإسطرلاب وغير ذلك ومن شعره عيرتني بالشيب وهو وقار ليتها عيرت بما هو عار إن تكن شابت الذوائب مني فالليالي تزينها الأقمار وله في بخيل وباخل أشعل في بيته تكرمه منه لنا شمعة فما جرت من عينها دمعة حتى جرت من عينه دمعة وله في وزيره ابن هبيرة وقد رأى منه ما يعجبه من تدبير مصالح المسلمين صفت نعمتان خصتاك وعمتا بذكرهما حتى القيامة تذكر وجودك والدنيا إليك فقيرة وجودك والمعروف في الناس منكر فلو رام يحيى مكانك جعفر ويحيى لكفا عنه يحيى وجعفر ولم أر من ينوي ثمان ربيع الآخر سنة ست وستين وكان في أول سنة من خلافته مات الفائز لك السوء يا أبا المظفر إلا كنت انت المظفر مات في صاحب مصر وقام بعده العاضد لدين الله آخر خلفاء بني عبيد وفي سنة اثنتين وستين جهز السلطان نور الدين الأمير اسد الدين شيركوه في ألفى فارس إلى مصر فنزل بالجيزة وحاصر مصر نحو شهرين فاستنجد صاحبها بالفرنج فدخلوا من دمياط لنجدته فرحل أسد الدين إلى الصعيد ثم وقعت بينه وبين المصريين حرب انتصر فيها على قلة عسكره وكثرة عدوه وقتل من الفرنج ألوفا ثم جبى أسد الدين خراج الصعيد وقصد الفرنج الإسكندرية وقد اخذها صلاح الدين يوسف بن أيوب وهو ابن أخ أسد الدين فحاصروها اربعة أشهر فتوجه أسد الدين إليهم فرحلوا عنها فرجع إلى الشام وفي سنة أربع وستين قصدت الفرنج الديار المصرية في جيش عظيم فملكوا بلبيس وحاصروا القاهرة فأحرقها صاحبها خوفا منهم ثم كاتب السلطان نور الدين يستنجد به فجاء أسد الدين بجيوشه فرحل الفرنج عن القاهرة لما سمعوا بوصوله ودخل أسد الدين فولاه العاضد صاحب مصر الوزارة وخلع عليه فلم يلبث اسد الدين ان مات بعد خمسة وستين يوما فولى العاضد مكانه ابن أخيه صلاح الدين يوسف بن أيوب وقلده الأمور ولقبه الملك الناصر فقام بالسلطنة أتم قيام ومن اخبار المستنجد قال الذهبى ما زالت الحمرة الكثيرة تعرض في السماء منذ مرض وكان يرى ضوؤها على الحيطان وممن مات في أيامه من الأعلام الديلمى صاحب مسند الفردوس والعمرانى صاحب البيان من الشافعية وابن البزرى شافعى أهل الجزيرة والوزير ابن هبيرة والشيخ عبدالقادر الجيلى والإمام أبو سعيد السمعانى وأبو النجيب السهروردى وابو الحسن بن هذيل المقرىء وآخرون