للملوخية طقوسها الكثيرة، خصوصا عند المصريين، ويتناولها ابناء الفئات الاجتماعية المختلفة، الا ان ما يميز مائدة الفقراء
من مائدة الأغنياء بخصوص هذا الطبق، هي المواد المكونة له، وبالتحديد كمية اللحم أو الدجاج المستخدم في التحضير. ومن
خلال هذا الطبق جاءت مسرحية «المتزوجون» لتعكس هذه الفوارق الاجتماعية والاقتصادية.
وفي العمل المسرحي عندما حاول سمير غانم اعداد طبق ملوخية بعد ان تعرف على فتاة ثرية، طلب من جورج سيدهم اعداد
الملوخية بالفراخ مع أكبر كمية ممكنة من الماء. وفي النهاية طلب منه اسقاط «الفرخة» في بئر كامل من الماء.
وكثير من المصريين قد يشعرون بالإهانة إذا ما تعرض أحد لطبقهم المفضل، مثلما يغضب الفرنسي لتعرض أحد لأطباقه
الشهيرة، من الجبن أو من القواقع. الملوخية هي من الخضراوات التي تنتمي للفصيلة الخبازية، تعد من أقدم الوجبات التي
يتناولها المصريون. ويتم إعدادها بعد خرطها في شكل حساء أخضر، ومعظم المصريين يعشقون طعمها، وما أن تذكرها
حتى تثير مشاعر الحنين للماضي لدى المصريين، الذين يعيشون في الخارج.
ويقول الأسترالي سام حبيب، المصري الأصل ان رائحة الملوخية تذكره بالعاصمة المصرية في يوم الجمعة. حساؤها اللزج
والمتماسك إلى حد ما ورائحة الثوم المختلطة به، هي ما يكسب هذا الطبق مذاقه المميز.
ومثلها مثل العديد من الأطباق العربية والشرق أوسطية، بدأت تجد طريقها الى بلاد اخرى حول العالم، وبدأت تدخل بعض
التعديلات، او التحسينات، على هذه المأكولات والأطعمة التي ظلت اسيرة توجه يرفض التجديد. خذ الحمص مثلا، الذي ظل
ولعشرات السنين يحضر بطريقة واحدة في معظم دول الشرق العربي. وبعد دخوله السوق الغربي وتقديمه في العديد من
المطاعم الأوروبية، ادخل عليه الكثير من التعديلات، ويقدم الآن مع الكزبرة ومع الفلفل الحلو او مع الليمون فقط وغيرها.
والآن جاء دور الملوخية، التي أصبحت موضة منتشرة لا سيما في الشرق الأقصي خلال السنوات العشر الماضية، وعلى
الرغم من أن الملوخية يرجع أصلها إلى مصر، إلا أنها انتشرت في منطقة شرق المتوسط أو الشام. ويقدر اليابانيون
والكوريون الملوخية لاحتوائها على مستويات من البروتين وحمض الفوليك أكثر من أي نبات ورقي أخضر آخر. وتحتوي
الملوخية أيضا على مستويات أكبر من الكالسيوم والحديد والمغنسيوم والمعادن الأخرى، قلما تجدها في السبانخ أو الخضر
المماثلة.
ولكن أسامة صالح، الذي يعيش في طوكيو منذ خمس سنوات، يزعم، كما ذكرت الوكالة الالمانية للانباء في تقريرها من
القاهرة، أن الملوخية اليابانية، مثلها مثل كل شيء في اليابان، تفتقر إلى النكهة والمذاق الذي تتميز به الملوخية المصرية.
وكان المصريون القدماء يقسمون بها لأنها تقوي القدرة الجنسية، في حين يعد اليابانيون والكوريون الجنوبيون الآن من
الملوخية، التي ينطقونها المروكية، نوعا من المشروبات الساخنة، بل ومن المرطبات.
وهناك عدة روايات حول اصل طبق الملوخية التقليدي مشكوك في صحتها، ويقال إن هناك وصفا لصنع الخبيزة على حوائط
إحدى المقابر المصرية القديمة، وأن إحدى اللوحات في مقبرة أحمس تتضمن وصفا لطريقة إعداد الملوخية.
وتقول نيفين مدحت، وهي طالبة تدرس علم المصريات، إن المؤرخ والكاتب الروماني الذي كتب في التاريخ الطبيعي
جايوس بليني ذكرها على أنها الطبق المفضل لدى المصريين.
وهناك أسطورة بأن الاسم الحديث يرجع إلى أن أحد الملوك العرب الذي كان مريضا، ووصف له الطبيب الملوخية
وسميت «ملوكية» ثم حرف الاسم. ولكن هناك رواية مؤكدة وهي أن الحاكم بأمر الله، وهو حاكم غريب الأطوار، حكم
مصر زمن الدولة الفاطمية في القرن الحادي عشر منع المصريين من تناول الملوخية. ويقول البعض إن الحاكم بأمر الله أمر
بمنع هذا الطبق إدراكا منه للخصائص المقوية للملوخية، لكي يحول دون انغماس الرجال والنساء في الملذات.
منقول