هل؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
عبدالناصر كان قارئاً جيداً للتقارير الاقتصادية وكان يناقش وزيراً وزيراً، وكان عندما يكلفني كوزير للمالية بأمر ما، يكلف ثلاثة آخرين بنفس الأمر.. وكان يكلف هيكل بتجميع معلومات عما أمر بتنفيذه ليتأكد مما إذا كان الناس شعروا به أم لا.. وأذكر أنه سأل وزير النقل في إحدي المرات عن تطوير وسائل النقل العام، فكان جوابه: «كله تمام يا أفندم»، فأمر هيكل أن يصور الصحفيون الأتوبيسات، ويكتب له تقريراً عن حال المواصلات وفوجيء وزير النقل بعبدالناصر يقول له: «اتفضل هذه صور وسائل المواصلات التي تقول عليها إن كله تمام.. وكانت صور ناس متشعبطة في الأتوبيسات».
* باعتبارك عملت أيضا مع الرئيس السادات.. ما أولوياته الاقتصادية؟
- السادات كان رجلاً سياسياً بالدرجة الأولي، وكانت أولوياته الاقتصادية تعتمد علي تشجيع الاستثمار.
* وكيف كان السادات يتخذ قراراته الاقتصادية؟
- القيادة السياسية في ذلك الوقت قالت إن حجازي مسؤول عن الاقتصاد، إذن ليس لأي شخص أن يتدخل في قراراته.. وهي بالطبع القرارات، التي كانت تخرج من لجنة تسمي «لجنة الإنتاج» في هذا الوقت، وكانت بقرار من السادات، وكان يترأسها هو في البداية في السبعينيات.. وبالمناسبة الرئيس السادات، كان هو المسؤول عن اللجنة الاقتصادية في عهد عبدالناصر..
* رغم أنه لم يكن رجلاً اقتصادياً؟
- نعم، وكان دائما يقول «أنا ماليش دعوة أنا جايبكم ليه إنتم متخصصين»، وهنا كان يعتمد السادات علي أهل الثقة والخبراء وترك لنا الأمر.
* هذا يعني أن هناك فرقاً كبيراً بينه وبين عبدالناصر الذي تقول إنه كان يتابع كل صغيرة وكبيرة بنفسه؟
- نعم.
* هل كان السادات يقرأ التقارير الاقتصادية أو حتي يقرأ في الاقتصاد؟
- «أنا كنت بحكيله».
* يعني السادات كان يعتمد أسلوب الحكي في إدارة اقتصاد البلد؟
- ابتسم وقد أحس ما أضمر، فقال متجاهلاً ما قلت : كنت ألتقي به كل يوم سبت من كل أسبوع أشرح له الموقف الاقتصادي.
* بالطبع لا أقصد بسؤالي القادم التشكيك في دولتكم.. ولكن ماذا لو أن من يحكي للرئيس يحكي له معلومات خاطئة، فكيف يتحقق من ذلك؟
- قلت إن الأمر يعتمد علي الثقة، والأساس هنا يرتكز علي اختيار الشخص.
* إذن السؤال الأهم هنا كيف كان يختار الرئيس السادات أعوانه؟
- بناء علي الثقة ودراسة خبرتهم ومدي مشاركتهم في العمل العام.
* لم يعترض علي أي شخص اخترته أنت؟
- اعترض علي شخص واحد، وقال لي: «كفاية أساتذة جامعة في وزارة التموين يا عبدالعزيز، نريد شخصاً من داخل التموين».. فأتيت بوكيل أول وزارة التموين آنذاك، كما كان هناك وزراء لم يكونوا يسيرون في الخط، ولا ينفذون قرارات مجلس الوزراء، لذا من يفعل ذلك تتم إقالته من منصبه فورا.
* بقرار منك أم من السادات؟
- مني.. وأذكر موقفاً، أنه كان هناك وكيل أول وزارة الاقتصاد ونحن نعد لقانون الانفتاح، وشارك في إعداده، وذات مرة قال لي «إما أن تعينني وزيراً وإلا فلن أستمر في العمل».. فقلت للسادات فقال لي: غدا يخرج من منصبه، وفي ٢٤ ساعة كان قد أقيل من منصبه، وأعتقد أنه بعدها من خلال اتصالاته بصندوق النقد الدولي تعاقدوا معه وأخذوه، وهنا أود أن أقول إنه لم يكن لأحد أن يضغط علي السادات، أو يلوي ذراعه أو يفرض عليه أمراً.
* قال عنك السادات لأحمد بهاء الدين إن ظهرك خفيف «بتتنرفز وتنزعج بسرعة»، وطلب من بهاء الدين أن يكتب خطاب تكليفك.. يحدد فيه مهام الوزارة من ناحية، ويظهر للناس كيف أنه أسندك بكل قوة؟(١).. فكيف ولماذا اختارك السادات رغم علمه بعيوب شخصيتك؟ ولماذا كان يدعمك بقوة؟
- لم أكن أنزعج بسرعة.. شيئان فقط كانا يصيباني بالعصبية، هما أي مساس بكرامتي أو أي مؤامرات من خلف ظهري.. أما عن سبب اختيار السادات لي رئيسا للحكومة، فقد كنت نائب رئيس الوزراء وقتها أي نائباً للسادات، وكنا نصلي الجمعة سويا في أسوان، وقال لي: «يا حجازي الفترة القادمة فترة اقتصادية ونحن نحتاج إلي واحد اقتصادي يخرج بالبلد من اقتصاديات الحرب إلي الرخاء..
واتخذ بالفعل قرار توليتي رئيسا لوزراء مصر، وقبل إعلان القرار اتصل به كسينجر يحذره من مؤامرة شيوعية، وصادف في الوقت نفسه أن نشر مقالاً في مجلة «الحوادث» اللبنانية بعنوان: «صراع السلطة في مصر»، وتم نشر صورتي وصورة عبد القادر حاتم، ونحن ننظر إلي بعضنا في تحدٍ، وكان هناك اعتقاد وقتها بأحقية عبدالقادر حاتم برئاسة الوزراء، باعتباره أقدم نائب بيننا، إذ كنت أنا وهو وممدوح سالم، نواباً لرئيس الوزراء أنور السادات وقتها، لأنه كان يترأس مجلس الوزراء وقت الحرب..
وقال لي السادات إن مقالة اللوزي في هذه المجلة مؤامرة عليك، وبالتالي انا حقدمك الأول بطريقة تمهيدية، لذلك سأعينك نائباً أول لي، وأريدك أن تكون سياسياً، وليس فقط تكنوقراطياً، وعينني نائباً أول له في مارس ٧٤.. وسألوه الطلبة أيامها عن تراجعه عن قرار اختياري رئيسا للوزراء أيامها فحكي لهم القصة.
* ألا تعتبر ذلك نوعاً من التردد في اختيارك لهذا المنصب؟
- لا.. والدليل أن كل من أتوا بعدي كنواب لأنور السادات، جاءوا لاعتبارات أمنية مثل ممدوح سالم، وكذلك حسني مبارك الذي عين نائباً، وكان اختصاصه الأول هو الأمن القومي لمصر.
* قرأت لك حوارات صحفية أكدت فيها أنك استقلت.. بينما أكد الأستاذ أحمد بهاء الدين أنه أطيح بك.. فهل آن الأوان لتعترف لنا بالحقيقة؟(٢)
- كنت مكلفاً بتشكيل وزارة آنذاك، ثم اجتمعت بالرئيس السادات وكان يحضر الاجتماع ممدوح سالم وزير الداخلية وحافظ غانم أمين عام الاتحاد الاشتراكي وسيد مرعي رئيس مجلس الشعب.. واندلعت أيامها مظاهرات يناير ٧٥، ووجدت وقتها أن المؤامرات بدأت ضدي وبقوة.. وتم فتح موضوع المظاهرات أمام السادات فقلت بمنتهي الحسم: «أنا لا أقبل الاستمرار في منصبي وأحد أعضاء الوزارة يتآمر علي، إما أن آخذ سلطاتي كاملة أو بلاش»!! فرد علي السادات بجملته المعهودة.. وصمت دكتور حجازي ولم يكمل
عبقرينو