ثالثا : آداب السفر والعمرة والحج
الآداب التي ينبغي للمسافر والمعتمر والحاج المسافر معرفتها والعمل بها؛ ليحصل على عمرة مقبولة، ويُوفَّق لحج مبرور، وسفر مبارك آداب كثيرة منها: آداب واجبة، وآداب مستحبة، وأذكر منها على سبيل المثال لا الحصر الآداب الآتية:
1- يستخير الله سبحانه في الوقت، والراحلة ، والرفيق، وجهة الطريق إن كثرت الطرق، ويستشير في ذلك أهل الخبرة والصلاح. أما الحج؛ فإنه خير لا شك فيه. وصفة الاستخارة أن يصلي ركعتين ثم يدعو بالوارد .
2- يجب على الحاج والمعتمر أن يقصد بحجه وعمرته وجه الله تعالى، والتقرب إليه، وأن يحذر أن يقصد حطام الدنيا، أو المفاخرة، أو حيازة الألقاب، أو الرياء والسمعة؛ فإن ذلك سبب في بطلان العمل وعدم قبوله
والمسلم هكذا لا يريد إلا وجه الله والدار الآخرةوفي الحديث القدسي: {أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه} .
وقد خاف النبي صلى الله عليه وسلم على أمته من الشرك الأصغر: {إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر فسُئل عنه فقال:
الرياء} ( ) وقال صلى الله عليه وسلم {من سمَّع سمَّع الله به، ومن يرائي يرائي الله به} .
3- على الحاج والمعتمر التفقه في أحكام العمرة والحج، وأحكام السفر قبل أن يسافر: من القصر، والجمع، وأحكام التيمم، والمسح على الخفين، وغير ذلك مما يحتاجه في طريقه إلى أداء المناسك، قال صلى الله عليه وسلم{من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين} .
4- التوبة من جميع الذنوب والمعاصي، سواء كان حاجا أو معتمرا أو غير ذلك فتجب التوبة من جميع الذنوب والمعاصي، وحقيقة التوبة: الإقلاع عن جميع الذنوب وتركها، والندم على فعل ما مضى منها، والعزيمة على عدم العودة إليها، وإن كان عنده للناس مظالم ردها وتحللهم منها، سواء كانت: عرضا أو مالا أو غير ذلك، من قبل أن يُؤخذ لأخيه من حسناته، فإن لم يكن له حسنات أُخِذَ من سيئات أخيه فطرحت عليه.
5- على الحاج أو المعتمر أن ينتخب المال الحلال لحجه وعمرته؛ لأن الله طيب لا يقبل إلا طيبا؛ ولأن المال الحرام يسبب عدم إجابة الدعاء .{وأيما لحم نبت من سحت فالنار أولى به} .
6- يستحب للمسافر أن يكتب وصيته، وما له وما عليه فالآجال بيد الله تعالى وقال صلى الله عليه وسلم{ما حق امرئ مسلم له شيء يريد أن يوصي فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده} ويُشهد عليها، ويقضي ما عليه من الديون، ويرد الودائع إلى أهلها أو يستأذنهم في بقائها.
7- يستحب للمسافر أن يوصي أهله بتقوى الله تعالى، وهي وصية الله تعالى للأولين والآخرين.
8- يستحب للمسافر أن يجتهد في اختيار الرفيق الصالح، ويحرص أن يكون من طلبة العلم الشرعي؛ فإن هذا من أسباب توفيقه وعدم وقوعه في الأخطاء في سفره وفي حجه وعمرته، {الرجل على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل} {لا تصاحب إلا مؤمنا ولا يأكل طعامك إلا تقي} .
وقد مثل النبي صلى الله عليه وسلم {الجليس الصالح بحامل المسك والجليس السوء بنافخ الكير} .
9- يستحب للمسافر أن يودع أهله، وأقاربه ، وأهل العلم: من جيرانه، وأصحابه، قال صلى الله عليه وسلم{من أراد سفرا فليقل لمن يخلِّف: أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه} وكان النبي صلى الله عليه وسلم يودع أصحابه إذا أراد أحدهم سفرا فيقول: {أستودع الله دينك وأمانتك وخواتيم عملك} وكان صلى الله عليه وسلم يقول لمن طلب منه أن يوصيه من المسافرين: {زودك الله التقوى، وغفر ذنبك، ويسَّر لك الخير حيث ما كنت} . {وجاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يريد سفرا فقال: يا رسول الله أوصني، فقال: أوصيك بتقوى الله والتكبير على كل شرف، فلما مضى قال: اللهم ازوِ له الأرض، وهوِّن عليه السفر} .
10- يستحب له أن يخرج للسفر يوم الخميس من أول النهار؛ لفعله صلى الله عليه وسلم. قال كعب بن مالك رضى الله عنه {لقلَّما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج إذا خرج في سفر إلا يوم الخميس} ودعا لأمته صلى الله عليه وسلم بالبركة في أول النهار فقال: {اللهم بارك لأمتي في بكورها} .
11- يستحب له أن يدعو بدعاء الخروج من المنزل فيقول عند خروجه: {بسم الله توكلت على الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله اللهم إني أعوذ بك أن أضِلَّ أو أُضَلَّ، أو أزلَّ أو أُزَلَّ، أو أَظلِمَ أو أُظلَمَ، أو أَجْهلَ أو يُجهلَ عليَّ} .
12- يستحب له أن يدعو بدعاء السفر، إذا ركب دابته، أو سيارته، أو الطائرة، أو غيرها من المركوبات فيقول: {الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر اللهم إنا نسألك في سفرنا هذا البر والتقوى، ومن العمل ما ترضى، اللهم هوِّن علينا سفرنا هذا واطو عنا بعده، اللهم أنت الصاحب في السفر، والخليفة في الأهل، اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر، وكآبة المنظر، وسوء المنقلب: في المال، والأهل}. وإذا رجع من سفره قالهن وزاد فيهن {آيبون، تائبون، عابدون، لربنا حامدون}.
13- يستحب له أن لا يسافر وحده بلا رفقة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم {لو يعلم الناس ما في الوحدة ما أعلم ما سار راكب بليل وحده} وقال صلى الله عليه وسلم {الراكب شيطان، والراكبان شيطانان، والثلاثة ركب} .
14- يؤمّر المسافرون أحدهم، ليكون أجمع لشملهم، وأدعى لاتفاقهم، وأقوى لتحصيل غرضهم، قال صلى الله عليه وسلم{إذا خرج ثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم} .
15- يستحب إذا نزل المسافرون منزلا أن ينضم بعضهم إلى بعض، فقد كان بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا نزلوا منزلا تفرقوا في الشعاب والأودية فقال صلى الله عليه وسلم {إنما تفرقكم في هذه الشعاب والأودية إنما ذلكم من الشيطان} فكانوا بعد ذلك ينضم بعضهم إلى بعض حتى لو بسط عليهم ثوب لوسعهم.
16- يستحب إذا نزل منزلا في السفر أو غيره من المنازل أن يدعو بما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم {أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق؛ فإنه إذا قال ذلك لم يضره شيء حتى يرتحل من منزله ذلك} .
17- يستحب له أن يكبّر على المرتفعات ويسبّح إذا هبط المنخفضات والأودية ، قال جابر رضي الله عنهما: {كنا إذا صعدنا كبرنا، وإذا نزلنا سبحنا} ولا يرفعوا أصواتهم بالتكبير قال صلى الله عليه وسلم {يا أيها الناس اربعوا على أنفسكم؛ فإنكم لا تدعون أصم ولا غائبا إنه معكم إنه سميع قريب}.
18- يستحب له أن يدعو بدعاء دخول القرية أو البلدة فيقول إذا رآها: {اللهم رب السماوات السبع وما أظللن، ورب الأرضين السبع وما أقللن، ورب الشياطين وما أضللن، ورب الرياح وما ذرين، أسألك خير هذه القرية وخير أهلها، وخير ما فيها، وأعوذ بك من شرها وشر أهلها وشر ما فيها} .
19- يستحب له السير أثناء السفر في الليل وخاصة أوله؛ لقوله صلى الله عليه وسلم {عليكم بالدلجة فإن الأرض تطوى بالليل}
20- يستحب له أن يقول في السَّحَر إذا بدا له الفجر: {سمّع سامع بحمد الله وحسن بلائه علينا. ربنا صاحبنا، وأفضل علينا عائذا بالله من النار} .