لما لفرنسا من مكانة في الثقافة العالمية، وتاريخ عريق وتقاليد أصيلة، اكتسبتها من منجزات إنسانها المتسلسلة أجياله في التقدم والعمران، فهي إحدى الدول الرائدة عبر التاريخ في الأدب والعلوم، مما أهل جامعاتها للمستويات العالمية المرموقة، والبالغ عددها أكثر من 83 جامعة، التي تأسست منذ القرون الوسطى، وقد حظيت هذه الجامعات بالمكانة التي هي عليه الآن منذ مئات السنين، وتتميز فرنسا أيضاً بمدارسها الكبرى البالغ عددها 237، وهي كليات عليا تخرج الكوادر والمهندسين وكبار موظفي الدولة والشركات، وهذه الكليات لا تقبل إلاّ المميزين من الطلاب، ويتخرج منها نخبة المجتمع الفرنسي.
كما تعد فرنسا من الدول الرائدة في الرياضيات، والعلوم، والطب، والهندسة، والفيزياء، والالكترونيات، والاتصالات، وهي أول من طور أبحاث النانو الالكترونية.
ولذلك فقد كان من المنطقي أن تقيم المملكة العربية السعودية علاقات تعاون وثيقة مع هذه الجامعات المرموقة بهدف حصول أبنائها المبتعثين على التعليم بالجودة العالية، وهذا دأب المملكة وديدنها في العلم والمعرفة منذ النهضة العمرانية في كافة المجالات، ومنذ عشرات العقود من الزمن.
ونحو تنمية الأجيال السعودية بالعلوم والمعارف المتعددة على شتى مجالاتها، فقد افتتحت الملاحق الثقافية في دول العالم المتقدمة، ومنها فرنسا، حيث تم افتتاح الملحقية الثقافية في باريس عند أواخر الستينات الميلادية، وكان عدد الطلاب عند ذلك الوقت ما يُقارب 20 طالباً، وبقي العدد بهذا الحجم لسنوات عديدة حتى الثمانينات؛ لتشهد الملحقية بعد ذلك نقلة أخرى في عدد الطلاب المبتعثين، والتابعين للجامعات السعودية، والذين قدموا لدراسة بعض العلوم الإنسانية منها القانون والأدب. ثم اتسع نطاق إشراف الملحقية لتشمل في غضون سنوات قليلة الطلاب الدارسين في أسبانيا وبلجيكا وسويسرا والبرتغال، وبتوسع نشاطها، تمكن الطلاب السعوديين من الإقبال على كبريات الجامعات الأوروبية، والحصول على الشهادات العليا فيها ومن كافة الأقسام العلمية والعلوم الإنسانية.
وبأمل تشجيع التعاون بين البلدين (السعودية، فرنسا) في مجال دراسة الأطباء السعوديين في الجامعات الفرنسية وتلقي التعليم العالي الجودة وتدريبهم، فقد توصل المختصون والممثلون في البلدين مؤخرا إلى صيغة تعاون تقضي بقبول الأطباء السعوديين في البرنامج الفرنسي للاختصاص الدقيق.
وقد حقق هذا التعاون، نقلة نوعية في الشهادة الممنوحة للسعوديين تماثل ما يتم منحه للطلاب الفرنسيين من شهادات، دون تمييز، مثل شهادة الدراسات التخصصية (DES) أو شهادة الدراسات التكميلية الموافقة (DESC) أو الشهادات الجامعية (DU) و(DIU) للاختصاص الدقيق، وهذا يكفل المادة العلمية المقدمة للطالب. والآن يدرس ما يقارب 100 طبيب سعودي تخصصات طبية متعددة، بموجب هذا الاتفاق. كما وصل عدد المبتعثين، مع بداية العام 2007م، ما يقارب 400 مبتعثا لدراسة مختلف التخصصات العلمية، الطب، القانون، الهندسة، الآداب. منهم 200 طالب وصلوا بنهاية عام 2006 وبداية العام 2007م.
وسوف تشهد المراحل القادمة ـ إن شاء الله تعالى ـ توسعا في برامج الابتعاث لدول فرنسا واسبانيا وسويسرا وبلجيكا والبرتغال، والعمل جار على استقبال عدد من المتعثين لدراسة القانون، لمرحلتي البكالوريا، والدراسات العليا، ولدراسة العلوم الأخرى.
ويُذكر أن السعوديين خريجي الجامعات الفرنسية في القانون والطب والآداب، هم حالياً يعملون في قيادة الحركة التنموية في بلدهم، فمنهم رجال القانون والأطباء والمفكرين، وهم ينقلون الصورة المشرفة لمستويات التعليم العالي في فرنسا، واليوم نقف أمام معطيات ودلالات تشير |إلى رغبة حقيقية لدى البلدين لتنمية وتطوير العلاقات الثقافية، وجعل الثقافة نقطة المركز والمرآة الحقيقة للعلاقات البينية.
وللملحقية نشاطات عديدة في تنمية التعاون بين فرنسا والمملكة في مجال التعليم العالي وتبادل الزيارات بين المسؤولين الفرنسيين والسعوديين، والمشاركة في معارض الكتاب، وإقامة معرض اللوفر في الرياض. وللملحقية طموحات أخرى في مجالات متنوعة مثل المعارض والنشاطات الثقافية والفنية والمحاضرات والإصدارات الثقافية والعلمية.
الملحقون الثقافيون:
ـ الأستاذ/ عبدالله بن عبدالرحمن الطويل: هو أول ملحق ثقافي للمملكة العربية السعودية في فرنسا.
ـ الأستاذ إبراهيم بن عبدالله آل الشيخ: وبدأ مهمته في أوائل الثمانينات واستمر في عمله حتى منتصف عام 1996م
ـ الدكتور/ سعود بن سليمان الذياب وعمل بالملحقية الثقافية من منتصف 1996م وحتى يوليو 2006م.
ـ الدكتور/ عبدالله بن علي الخطيب: تسلم مهام أعمال الملحقية اعتباراً من شهر جمادى الثانية 1427 هـ، في يوليو 2006م