رن التليفون المحمول الخاص بأحد ضباط أمن الدولة فى مصر أثناء حضوره اجتماعا مهما داخل مكتب فخم بشركة طرة الأسمنت بحلوان أثناء مظاهرات العمال احتجاجا علي بيع الشركة لمستثمر فرنسي، فرد الضابط قائلا: «أيوه يا أفندم، كله تمام وتحت السيطرة، والنقابة المعدنية للصناعات القابضة والهندسية وزعت منشور علي العمال قالت لهم إن كل المطالب والحقوق العمالية مصونة بعد البيع، والعمال صدقوا يا أفندم، والمظاهرات بدأت تنفض» !!.
وهنا وقف كاتب هذا المقال موجها الكلام إلي الحضور من ضباط في أجهزة أمن مختلفة ونقابيين وإداريين قائلا: لا يا حضرة الضابط الكلام اللي انت قلته كله غلط لأن الجهة إللي وزعت المنشور هي النقابة العامة للبناء والأخشاب وليست كما قلت، وأن العمال مازالوا يتظاهرون ويهتفون ضد الحكومة والإدارة والأمن خوفا من ضياع حقوقهم من الأجور والأرباح، وشبح الفصل والطرد، والإجبار للخروج علي المعاش المبكر الذي يطاردهم علي يد المستثمر الجديد..
في الوقت نفسه احمر وجه الضابط وبدا كالتلميذ الذي «يمسح السبورة لأنه بليد»، وبعدها قال ضابط آخر: الحكومة هي اللي غلطانة كان لازم تقول لنا علي نيتها بالبيع بدل الإعلان المفاجئ ده، علي الأقل كنا عملنا حسابنا وعرفنا إزاي نواجه المظاهرات والإضراب !!.
في نفس اللحظة التي كان يدور فيها هذا الكلام كان يقف آلاف العمال بالخارج ينتظرون قرارا عادلا من هذا الاجتماع الذي عقد بين الأمن والإدارة والنقابة، ولكن ظنهم غير صحيح، فالجالسون بالداخل جاهلون يبلغون صناع القرارات معلومات خاطئة ويهتمون فقط بالبحث عن وسيلة لإجهاض التحرك العمالي بينما رغيف عيش هؤلاء الآلاف من العمال المهدد بالضياع ليس في الحسبان!!.
وكل ما أخشاه الآن أن يستمر هذا السلوك المعيب في رجال المفترض فيهم المصداقية والوطنية والأمانة والثقافة والخوف علي مصلحة الوطن والمواطن لأن التوسع في هذا الانحطاط الثقافي والفكري والتوجه غير المفهوم قد يجعلنا نسمع يوما أحد هؤلاء الرجال يقول ويؤكد أن مظاهرات لعمال المحلة الكبري قامت في حلوان، وأن إضرابا في كفر الدوار حدث في شبرا الخيمة، أو أن ثورة 1952 قامت عام 1919!!.
تذكرت هذه المواقف التي حدثت منذ شهر تقريبا عندما سمعت ضابط أمن يقف خلف قوات أمن مركزي تحاصر مظاهرة نظمها حزب «التجمع» منذ أيام أمام مجلس الشعب للمطالبة بالإصلاح السياسي والدستوري، فقال هذا الضابط متحدثا في التليفون المحمول: المظاهرة دي نظمها حزب «الأهالي»........ولا تعليق