مئات المواطنين الفلسطينيين الذين خرجوا من قطاع غزة بعد سبعة أشهر من الحصار المشدد، منهم من يعمل بالخارج ويسعى للسفر من مصر إلى الدولة التي يعمل فيها، ومنهم من يحمل إقامة في مصر، ومنهم من سعى للعلاج. هؤلاء حاولوا جميعاً بعد خروجهم من غزة إلى العريش قضاء حوائجهم لكن آمال كثير منهم تبخرت. سمحت السلطات فقط بسفر من يعمل بالخارج بعد جهد جهيد لكن الآخرين تمت إعادة بعضهم إلى غزة ومازال هناك جزء يحاول الرجوع لكن مصيره كان الاحتجاز في مدينة العريش دون تقديم أي رعاية أو إغاثة.
وقد تعرض الجميع لمعاملة قاسية حفلت بالإهانات والإذلال!
"قُدِّر لنا أن نرحل من غزة في ظروف غامضة أشبه ما تكون بالحلم، ظناً منا أننا سنسلك طريق المطار مباشرة.. لم نذهب للبحث عن مكان مؤقت للإقامة، لنفاجأ بأن ما كان ينتظرنا هو افتراش أرصفة الشوارع، والنوم في المساجد".. هكذا كانت بداية رحلة المواطن الفلسطيني محمود خليل، والذي عاد إلى غزة يعاني من إعياء شديد. ويضيف خليل: "كنا ألف عالق أو يزيد.. لم نجد إلا بطانيات مغبرة تكف عنا قليلاً من أذى البرد والصقيع، وكنا نصحو قبل أن ترى الأرض الشمس، لنجتمع أمام مبنى المديرية ترقباً لكلمة الفصل "سيختمون جوازات سفركم".
ويصف خليل حال العشرات من الأطفال والنساء قائلاً: "كانوا يحملون لافتات كتبوا عليها مناشداتهم لأصحاب القرار، ويهتفون بكلمات عفوية تخرج من قلوبهم المقهورة، علّها تصادف قلوباً رحيمة!وبعد ثلاثة أيام، وقد باتت أجسادهم تشكو الجوع وقسوة الليل والصقيع، جاءهم الفرج حينما خاطبهم أحد الضباط بألفاظ نابية وإهانات يخجل الإنسان من ذكرها، ورغم قسوة عباراته، إلا أنها أعادت الأمل إلى نفوس العالقين، وسرعان ما أنستهم آلامهم..
وما هي إلا دقائق معدودة حتى انتشر المئات من أفراد الأمن المركزي المصري المدججين بالسلاح مصطحبين معهم عربات السجن، حيث تم جمع المئات من المواطنين داخلها وترحيلهم إلى "نُزُل العريش الرياضي" لتبدأ رحلة معاناة أخرى.
يقول الحاج محمد حسين: "إن الأمن المصري واصل تعامله السيئ، فبعد أن تركنا دون طعام أو شراب أو رعاية كافية وسط البرد في نُزل الشباب، قام بتحميل أكثر من 70 شخصاً في كل عربة من عربات الأمن، رغم وجود أطفال وعجائز وحوامل حتى تصورنا أننا "حيوانات"!
[i][u]