شبكه ميت عدلان
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


شبكه ميت عدلان ( منتدي اسلامي &ثقافي & برامج كمبيوتر وجوال & سياحه & الرأي وارأي الاخر)
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  

 

 أصول الفقه ((للشيخ بن تيمية شيخ الاسلام رحمه الله )

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد إبراهيم صابر جودة
المشرفون
المشرفون
أحمد إبراهيم صابر جودة


ذكر عدد الرسائل : 253
المزاج : الحمد لله
تاريخ التسجيل : 11/05/2008

أصول الفقه ((للشيخ بن تيمية شيخ الاسلام رحمه الله ) Empty
مُساهمةموضوع: أصول الفقه ((للشيخ بن تيمية شيخ الاسلام رحمه الله )   أصول الفقه ((للشيخ بن تيمية شيخ الاسلام رحمه الله ) Icon_minitime1الثلاثاء مايو 27, 2008 10:23 am

/بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده‏.‏

قال شيخ الإسلام ـ رحمه الله ‏:‏

فَصـــل

الكتاب والسنة والإجماع، وبإزائه لقوم آخرين المنامات والإسرائيليات والحكايات؛ وذلك أن الحق الذي لا باطل فيه هو ما جاءت به الرسل عن الله، وذلك في حقنا، ويعرف بالكتاب والسنة والإجماع، وأما ما لم تجئ به الرسل عن الله، أو جاءت به ولكن ليس لنا طريق موصلة إلي العلم به، ففيه الحق والباطل؛ فلهذا كانت الحجة الواجبة الاتباع للكتاب والسنة والإجماع، فإن هذا حق لا باطل فيه، واجب الاتباع لا يجوز تركه بحال، عام الوجوب، لا يجوز ترك شيء مما دلت عليه هذه الأصول، وليس لأحد الخروج عن شيء مما دلت عليه، وهي مبنية على أصلين‏:‏

/ أحدهما‏:‏ أن هذا جاء به الرسول‏.‏

والثاني‏:‏ أن ما جاء به الرسول وجب اتباعه‏.‏

وهذه الثانيـة إيمانية ضدها الكفر أو النفاق، وقد دخل في بعض ذلك طوائف من المتكلمة والمتفلسفة والمتأمرة والمتصوفة؛ إما بناء على نوع تقصير بالرسالة، وإما بناء على نوع تفضل عليها، وإما على عين إعراض عنها، وإما على أنها لا تقبل إلا في شيء يتغير، كالفروع ـ مثلاً ـ دون الأصـول العقلية أو السياسية، أو غير ذلك من الأمور القادحة في الإيمان بالرسالة‏.‏

أما الأولي، فهي مقدمة علمية مبناها على العلم بالإسناد والعلم بالمتن، وذلك لأهل العلم بالكتاب والسنة والإجماع لفظًا ومعني، وإسنادًا ومتنًا، وأما ما سوى ذلك، فإما أن يكون مأثورًا عن الأنبياء أو لا‏:‏

أما الأول‏:‏ فيدخل فيه الإسرائيليات مما بأيدي المسلمين وأيدي أهل الكتاب، وذلك قد لَبِسَ حقه بباطله، قال النبي صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏(‏إذا حَدَّثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم، فإما أن يحدثوكم بباطل فتصدقوه، وإما أن يحدثوكم بحق فتكذبوه‏)‏، ولكن يسمع ويروي إذا علمنا موافقته لما علمناه؛ لأنه مؤنس مؤكد، / وقد علم أنه حق، وأما إثبات حكم بمجرده فلا يجوز اتفاقًا، وشرع من قبلنا إنما هو شرع لنا فيما ثبت أنه شرع لهم، دون ما رووه لنا، وهذا يغلط فيه كثير من المتعبدة والقصاص وبعض أهـل التفسير، وبعض أهل الكلام‏.‏

وأما الثاني‏:‏ فما يروي عن الأوائل من المتفلسفة ونحوهم، وما يلقي في قلوب المسلمين يقظة ومنامًا، وما دلت عليه الأقيسة الأصلية أو الفرعية، وما قاله الأكابر من هذه الملة ـ علمائها وأمرائها ـ فهذا التقليد والقياس والإلهام فيه الحق والباطل، لا يرد كله، ولا يقبل كله، وأضعفه ما كان منقولاً عمن ليس قوله حجة بإسناد ضعيف، مثل المأثور عن الأوائل، بخلاف المأثور عن بعض أئمتنا مما صح نقله، فإن هذا نقله صحيح، ولكن القائل قد يخطئ وقد يصيب، ومن التقليد تقليد أفعال بعض الناس، وهو الحكايات‏.‏

ثم هذه الأمور لا ترد ردًا مطلقًا لما فيها من حق موافق، ولا تقبل قبولاً مطلقًا لما فيها من الباطل، بل يقبل منها ما وافق الحق، ويرد منها ما كان باطلاً‏.‏

والأقيسة العقلية الأصلية والفرعية الشرعية هي من هذا الباب، فليسـت العقليات كلها صحيحة، ولا كلها فاسدة، بل فيها حق وباطل،/ بل ما في الكتاب والسنة والإجماع، فإنه حق ليس فيه باطل بحال، فما علم من العقليات أنه حق فهو حق، لكن كثير من أهلها يجعلون الظن يقينًا بشبهة وشهوة، وهم‏:‏ ‏{‏إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنفُسُ وَلَقَدْ جَاءهُم مِّن رَّبِّهِمُ الْهُدَى‏}‏ ‏[‏النجم‏:‏ 23‏]‏، ويدلك على ذلك كثرة نزاعهم ـ مع ذكائهم ـ في مسائل ودلائل يجعلها أحدهم قطعية الصحة، ويجعلها الآخر قطعية الفساد، بل الشخص الواحد يقطع بصحتها تارة وبفسادها أخري، وليس في المنزل من عند الله شيء‏.‏ أكثر ما في الباب أنه إذا تمني ألقي الشيطان في أمنيته، فينسخ الله ما يلقي الشيطان، ويحكم الله آياته، والله علىم حكيم، فغاية ذلك غلط في اللسان يتداركه الله فلا يدوم‏.‏

وجميع ما تلقته الأمة عن الرسول صلى الله عليه وسلم حق لا باطل فيه، وهدي لا ضلال فيه، ونور لا ظلمة فيه، وشفاء ونجاة‏.‏

والحمد لله الذي هدانا لهذا، وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله‏.‏


/ وقال شيخ الإسلام ـ رحمه الله‏:‏

فَصـل

يجب على الإنسان أن يعلم أن الله ـ عز وجل ـ أرسل محمدًا صلى الله عليه وسلم إلي جميع الثقلين‏:‏ الإنس والجن، وأوجب عليهم الإيمان به وبما جاء به وطاعته، وأن يحللوا ما حلَّل الله ورسوله، ويحرموا ما حرم الله ورسوله، وأن يوجبوا ما أوجبه الله ورسوله، ويحبوا ما أحبه الله ورسوله، ويكرهوا ما كرهه الله ورسوله، وأن كل من قامت عليه الحجة برسالة محمد صلى الله عليه وسلم من الإنس والجن فلم يؤمن به؛ استحق عقاب الله ـ تعالى ـ كما يستحقه أمثاله من الكافرين الذين بعث إليهم الرسول‏.‏

وهذا أصل متفق عليه بين الصحابة والتابعين لهم بإحسان وأئمة المسلمين، وسائر طوائف المسلمين‏:‏ أهل السنة والجماعة، وغيرهم ـ رضي / الله عنهم أجمعين ـ لم يخالف أحد من طوائف المسلمين في وجود الجن ولا في أن الله أرسل محمدًا صلى الله عليه وسلم إليهم، وجمهور طوائف الكفار على إثبات الجن، أما أهل الكتاب من اليهود والنصـاري، فهم مقرون بهم كإقرار المسلمين، وإن وجد فيهم من ينكر ذلك‏.‏ وكما يوجد في المسلمين من ينكر ذلك كما يوجد في طوائف المسلمين؛ كالجهمية والمعتزلة من ينكر ذلك، وإن كان جمهور الطائفة وأئمتها مقرين بذلك‏.‏

وهذا لأن وجود الجن تواترت به أخبار الأنبياء تواترًا معلومًا بالاضطرار، ومعلوم بالاضطرار أنهم أحياء عقلاء فاعلون بالإرادة، بل مأمورون منهيون، ليسوا صفات وأعراضًا قائمة بالإنسان أو غيره، كما يزعمه بعض الملاحدة، فلما كان أمر الجن متواترًا عن الأنبياء تواترًا ظاهرًا تعرفه العامة والخاصة؛ لم يمكن طائفة كبيرة من الطوائف المؤمنين بالرسل أن تنكرهم، كما لم يمكن لطائفة كبيرة من الطوائف المؤمنين بالرسل إنكار الملائكة، ولا إنكار معاد الأبدان ولا إنكار عبادة الله وحده لا شريك له، ولا إنكار أن يرسل الله رسولاً من الإنس إلي خلقه، ونحو ذلك مما تواترت به الأخبار عن الأنبياء تواترًا تعرفه العامة والخاصة، كما تواتر عند العامة والخاصة مجيء موسي إلي فرعون وغرق فرعون، ومجيء المسيح إلي اليهود وعداوتهم له، وظهور محمد/ صلى الله عليه وسلم بمكة وهجرته إلي المدينة، ومجيئه بالقرآن والشرائع الظاهرة، وجنس الآيات الخارقة التي ظهرت على يديه، كتكثير الطعام والشراب، والإخبار بالغيوب الماضية والمستقبلة التي لا يعلمها بشر إلا بإعلام الله، وغير ذلك‏.‏

ولهذا أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم بسؤال أهل الكتاب عما تواتر عندهم كقوله‏:‏‏{‏وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ‏}‏ ‏[‏النحل‏:‏ 43‏]‏؛ فإن من الكفار من أنكر أن يكون الله رسول بشر، فأخبر الله أن الذين أرسلهم قبل محمد كانوا بشرًا، وأمر بسؤال أهل الكتاب عن ذلك لمن لا يعلم‏.‏

وكذلك سؤالهم عن التوحيد وغيره مما جاءت به الأنبياء، وكفر به الكافرون، قال تعالى‏:‏ ‏{‏قُلْ كَفَى بِاللّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ‏}‏ ‏[‏الرعد‏:‏ 43‏]‏، وقال تعالى ‏:‏ ‏{‏فَإِن كُنتَ فِي شَكٍّ مِّمَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُونَ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكَ‏}‏ ‏[‏يونس‏:‏94‏]‏، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن كَانَ مِنْ عِندِ اللَّهِ وَكَفَرْتُم بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ‏}‏ ‏[‏الأحقاف‏:‏ 10‏]‏‏.‏

وكذلك شهادة أهل الكتاب بتصديق ما أخبر به من أنباء الغيب التي لا يعلمها إلا نبي أو من أخبره نبي، وقد علموا أن محمدًا لم يتعلم /من أهل الكتاب شيئًا‏.‏

وهذا غير شهادة أهل الكتاب له نفسه بما يجدونه من نعته في كتبهم، كقوله تعالى‏:‏ ‏{‏أَوَلَمْ يَكُن لَّهُمْ آيَةً أَن يَعْلَمَهُ عُلَمَاء بَنِي إِسْرَائِيلَ‏}‏ ‏[‏الشعراء‏:‏ 197‏]‏، وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِّن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ‏}‏ ‏[‏الأنعام‏:‏ 114‏]‏، وأمثال ذلك‏.‏

وهذا بخلاف ما تواتر عند الخاصة من أهل العلم، كأحاديث الرؤية وعذاب القبر وفتنته، وأحاديث الشفاعة والصراط والحوض، فهذا قد ينكره بعض من لم يعرفه من أهل الجهل والضلال؛ ولهذا أنكر طائفة من المعتزلة، كالجبائي وأبي بكر الرازي وغيرهما، دخول الجن في بدن المصروع، ولم ينكروا وجود الجن، إذ لم يكن ظهور هذا في المنقول عن الرسول كظهور هذا، وإن كانوا مخطئين في ذلك؛ ولهذا ذكر الأشعري في ‏[‏مقالات أهل السنة والجماعة‏]‏ أنهم يقولون‏:‏ إن الجني يدخل في بدن المصروع كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ‏}‏ ‏[‏البقرة‏:‏ 275‏]‏، وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل‏:‏ قلت لأبي‏:‏ إن قومًا يزعمون أن الجني لا يدخل في بدن الإنسي‏.‏ فقال‏:‏ يابني، يكذبون، هو ذا يتكلم على لسانه‏.‏ وهذا مبسوط في موضعه‏.‏

/ والمقصود هنا أن جميع طوائف المسلمين يقرون بوجود الجن،وكذلك جمهور الكفار، كعامة أهل الكتاب، وكذلك عامة مشركي العرب وغيرهم من أولاد سام، والهند وغيرهم من أولاد حام، وكذلك جمهور الكنعانيين واليونانيين وغيرهم من أولاد يافث، فجماهير الطوائف تقر بوجود الجن، بل يقرون بما يستجلبون به معاونة الجن من العزائم والطلاسم، سواء أكان ذلك سائغًا عند أهل الإيمان أو كان شركًا، فإن المشركين يقرؤون من العزائم والطلاسم والرقي ما فيه عبادة للجن وتعظيم لهم، وعامة ما بأيدي الناس من العزائم والطلاسم والرقي التي لا تفقه بالعربية فيها ما هو شرك بالجن‏.‏

ولهذا نهي علماء المسلمين عن الرقي التي لا يفقه معناها؛ لأنها مظنة الشرك وإن لم يعرف الراقي أنها شرك‏.‏ وفي صحيح مسلم عن عوف بن مالك الأشْجَعي، قال‏:‏ كنا نرقي في الجاهلية فقلنا‏:‏ يارسول الله، كيف تري في ذلك‏؟‏ فقال‏:‏ ‏(‏اعرضوا على رقاكم، لا بأس بالرقي ما لم يكن فيه شرك‏)‏‏.‏ وفي صحيح مسلم ـ أيضًا ـ عن جابر قال‏:‏ نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرقي، فجاء آل عمرو بن حزم إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا‏:‏ يارسول الله، إنه كانت عندنا رقية نرقي بها من العقرب، وإنك نهيت عن الرقي، قال‏:‏ فعرضوها عليه، فقال‏:‏ ‏(‏ما أرى بأسًا، من استطاع منكم أن ينفع أخاه فلينفعه‏)‏‏.‏

/ وقد كان للعرب ولسائر الأمم من ذلك أمور يطول وصفها، وأخبار العرب في ذلك متواترة عند من يعرف أخبارهم من علماء المسلمين وكذلك عند غيرهم، ولكن المسلمين أخْبَرُ بجاهلية العرب منهم بجاهلية سائر الأمم؛ إذ كان خير القرون كانوا عربًا، وكانوا قد عاينوا وسمعوا ما كانوا عليه في الجاهلية، وكان ذلك من أسباب نزول القرآن، فذكروا في كتب التفسير والحديث والسير والمغازي والفقه، فتواترت أيام جاهلية العرب في المسلمين، وإلا فسائر الأمم المشركين هم من جنس العرب المشركين في هذا، وبعضهم كان أشد كفرًا وضلالاً من مشركي العرب، وبعضهم أخف‏.‏

والآيات التي أنزلها الله على محمد صلى الله عليه وسلم فيها خطاب لجميع الخلق من الإنس والجن؛ إذ كانت رسالته عامة للثقلين، وإن كان من أسباب نزول الآيات ما كان موجودًا في العرب، فليس شيء من الآيات مختصًا بالسبب المعين الذي نزل فيه باتفاق المسلمين، وإنما تنازعوا‏:‏ هل يختص بنوع السبب المسؤول عنه‏؟‏ وأما بعين السبب فلم يقل أحد من المسلمين‏:‏ إن آيات الطلاق أو الظهار أو اللعان أو حد السرقة والمحاربين ـ وغير ذلك ـ يختص بالشخص المعين الذي كان سبب نزول الآية‏.‏

وهذا الذي يسميه بعض الناس‏:‏ تَنقِيح المناط، وهو أن يكون / الرسول صلى الله عليه وسلم حكم في معين، وقد علم أن الحكم لا يختص به، فيريد أن ينقح مناط الحكم، ليعلم النوع الذي حكم فيه، كما أنه لما أمر الأعرابي الذي واقع امرأته في رمضان بالكفارة، وقد علم أن الحكم لا يختص به، وعلم أن كونه أعرابيًا أو عربيًا أو الموطوءة زوجته لا أثر له، فلو وطئ المسلم العجمي سَرِيَّته كان الحكم كذلك‏.‏

ولكن هل المؤثر في الكفارة كونه مجامعًا في رمضان أو كونه مفطرًا‏؟‏ فالأول‏:‏ مذهب الشافعي وأحمد في المشهور عنه، والثاني‏:‏ مذهب مالك وأبي حنيفة، وهو رواية منصوصة عن أحمد في الحجامة فغيرها أولي، ثم مالك يجعل المؤثر جنس المفطر، وأبو حنيفة يجعلها المفطر كتنوع جنسه، فلا يوجبه في ابتلاع الحصاة والنواة‏.‏

وتنازعوا‏:‏ هل يشترط أن يكون أفسد صومًا صحيحًا‏؟‏ وأحمد لا يشترط ذلك، بل كل إمساك وجب في شهر رمضان أوجب فيه الكفارة، كما يوجب الأربعة مثل ذلك في الإحرام الفاسد، فالصيام الفاسد عنده كالإحرام الفاسد، كلاهما يجب إتمامه والمضي فيه، والشافعي وغيره لا يوجبونها إلا في صوم صحيح، والنزاع فيمن أكل ثم جامع أو لم ينو الصوم ثم جامع، ومن جامع وكفَّر ثم جامع‏.‏

ومثل قوله لمن أحرم بالعمرة في جُبَّةٍ مُتضَمخًا بالخلوق‏:‏ ‏(‏انزع / عنك الجبَّة واغسل عنك أثر الصُّفرة‏)‏، هل أمره بالغسل لكون المحرم لا يستديم الطيب كما يقوله مالك‏؟‏ أو لكونه نهي أن يتزعفر الرجل فلا يمنع من استدامة الطيب كقول الثلاثة‏؟‏ وعلى الأول فهل هذا الحديث منسوخ بتطييب عائشة له في حجة الوداع‏؟‏‏.‏

ومثل قوله لما سئل عن فأرة وقعت في سَمْنٍ‏:‏ ‏(‏ألقوها وما حولها وكلوا سمنكم‏)‏، هل المؤثر عدم التغير بالنجاسة، أو بكونه جامدًا، أو كونها فأرة وقعت في سمن، فلا يتعدي إلي سائر المائعات‏؟‏ ومثل هذا كثير، وهذا لابد منه في الشرائع، ولا يسمي قياسًا عند كثير من العلماء كأبي حنيفة ونفاة القياس؛ لاتفاق الناس على العمل به كما اتفقوا على تحقيق المناط، وهو‏:‏ أن يعلق الشارع الحكم بمعني كلي فينظر في ثبوته في بعض الأنواع أو بعض الأعيان، كأمره باستقبال الكعبة، وكأمره باستشهاد شهيدين من رجالنا ممن نرضي من الشهداء، وكتحريمه الخمر والميسر، وكفرضه تحليل اليمين بالكفارة، وكتفريقه بين الفدية والطلاق، وغير ذلك‏.‏

فيبقي النظر في بعض الأنواع‏:‏ هل هي خمر ويمين وميسر وفدية أو طلاق‏؟‏ وفي بعض الأعيان‏:‏ هل هي من هذا النوع‏؟‏ وهل هذا المصلي مستقبل القبلة‏؟‏ وهذا الشخص عدل مرضي‏؟‏ ونحو ذلك؛ فإن هذا النوع من الاجتهاد متفق عليه بين المسلمين، بل بين العقلاء فيما يتبعونه من شرائع دينهم وطاعة ولاة أمورهم ومصالح دنياهم وآخرتهم‏.‏

/وحقيقة ذلك يرجع إلي تمثيل الشيء بنظيره وإدراج الجزئي تحت الكلي، وذاك يسمي قياس التمثيل، وهذا يسمي قياس الشمول، وهما متلازمان، فإن القدر المشترك بين الأفراد في قياس الشمول ـ الذي يسميه المنطقيون‏:‏ الحد الأوسط ـ هو القدر المشترك في قياس التمثيل الذي يسميه الأصوليون‏:‏ الجامع، والمناط، والعلة، والأمارة، والداعي، والباعث، والمقتضي، والموجب، والمشترك، وغير ذلك من العبارات‏.‏

وأما تخريج المناط وهو‏:‏ القياس المحض، وهو‏:‏ أن ينص على حكم في أمور قد يظن أنه يختص الحكم بها فيستدل على أن غيرها مثلها؛ إما لانتفاء الفارق، أو للاشتراك في الوصف الذي قام الدليل على أن الشارع علق الحكم في الأصل، فهذا هو القياس الذي تقر به جماهير العلماء وينكره نفاة القياس‏.‏ وإنما يكثر الغلط فيه لعدم العلم بالجامع المشترك الذي علق الشارع الحكم به، وهو الذي يسمي سؤال المطالبة، وهو‏:‏ مطالبة المعترض للمستدل بأن الوصف المشترك بين الأصل والفرع هو علة الحكم، أو دليل العلة‏.‏ فأكثر غلط القَائِسِين من ظنهم علة في الأصل ما ليس بعلة؛ ولهذا كثرت شناعاتهم على أهل القياس الفاسد‏.‏ فأما إذا قام دليل على إلغاء الفارق، وأنه ليس بين الأصل والفرع فرق يفرق الشارع لأجله بين الصورتين، أو قام /الدليل على أن المعني الفلاني هو الذي لأجله حكم الشارع بهذا الحكم في الأصل وهو موجود في صورة أخري، فهذا القياس لا ينازع فيه إلا من لم يعرف هاتين المقدمتين‏.‏ وبسط هذا له موضع آخر‏.‏
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.islamway.com
 
أصول الفقه ((للشيخ بن تيمية شيخ الاسلام رحمه الله )
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
شبكه ميت عدلان  :: الفئه :: المنتدي الاسلامي :: منتدي الفقه والعقيدة-
انتقل الى: