شهادات الذين أسلموا
"أعظم المعارك يتم خوضها داخل الروح ،
ففيها تصنع الانتصارات والهزائم الكبرى"
- د. عبد الكريم بكار -
كانت حياتهم بلا هدف … فأحبوا أن يكون لها معنى .. كانت أرواحهم مسكونة بالظلام ، فابتغوا لها رزق النور .. كانت قلوبهم تتمرغ في أوحال المادة ، فغسلوها بسبحات الطهر ، وغمسوها في عطور الإيمان ..
حكاياتهم متشابهة رحلة طويلة وشاقة في طريق محفوفةٍ بالشك والشوك ، ثم اللحظة العليا التي يجتازون بها المنعطف الأسمى في حياتهم الذي يحولهم بنقلة واحدة إلى القمة السامقة ! حيث الإسلام ، فيخلعون على عتبته رداء الجهل والحيرة والضياع …
هذا المنعطف الذي أعلنوا فيه شهادة التوحيد ، لا تقاس لحظاته بعقارب الزمن ، بل بدقات القلوب الخافقة الساكنة !.
أي مزيج هذا !؟ سكون كله اضطراب !! واضطراب كله سكون !! إنها لحظة مقدسة من زمن الجنة ، هبطت إلى زمنهم وحدهم من دون الناس جميعاً .. إنها لحظة ملهمة أمدّت عقولهم بحيوية هائلة ، وقوة روحية فيّاضة ، فإذا الدنيا وعُبّادها خاضعون لفيض هذه القوة ..
محظوظون أولئك الذين قُدّر لهم أن يبصروا الإنسان المسلم الجديد لحظة نطقه بالشهادتين .. أنا لست أشك أنَّ ملائكة تهبط في ذلك المكان ، وملائكة تصعد لترفع ذلك الإيمان الغض النديّ إلى الله …
أسأل الله الذي أسعدهم في الدنيا بالإسلام ، أن يسعدهم والقارئ والكاتب في الآخرة برضاه …
* المفكر محمد أسد (ليوبولد فايس)
رُبَّ سارٍ والسُّحْبُ قد لَفَّت النّجم
|
| فحـار السـارونَ عبر القفـارِ
|
سَـفَرَ الفجـرُ فاسـتبانَ خُـطاه
|
| فـرآها اهتـدتْ بـلا إبصـارِ
|
- الشاعر عمر الأميري –
نمساوي ينحدر من أبوين يهوديين ، درس الفلسفة والفن في جامعة فيينا ثم اتجه للصحافة فبرع فيها ، وغدا مراسلاً صحفياً في الشرق العربي والإسلامي ، فأقام مدة في القدس ، ثم زار القاهرة فالتقى بالإمام مصطفى المراغي ، فحاوره حول الأديان ، فانتهى إلى الاعتقاد بأن "الروح والجسد في الإسلام هما بمنزلة وجهين توأمين للحياة الإنسانية التي أبدعها الله" ثم بدأ بتعلم اللغة العربية في أروقة الأزهر ، وهو لم يزل بعدُ يهودياً .
قصتــه مع الإســلام
كان ليوبولد فايس رجل التساؤل والبحث عن الحقيقة ، وكان يشعر بالأسى والدهشة لظاهرة الفجوة الكبيرة بين واقع المسلمين المتخلف وبين حقائق دينهم المشعة ، وفي يوم راح يحاور بعض المسلمين منافحاً عن الإسلام ، ومحمّلاً المسلمين تبعة تخلفهم عن الشهود الحضاري ، لأنهم تخلّفوا عن الإسلام ففاجأه أحد المسلمين الطيبين بهذا التعليق "فأنت مسلم ، ولكنك لا تدري !" .
فضحك قائلاً : "لست مسلماً ، ولكنني شاهدت في الإسلام من الجمال ما يجعلني أغضب عندما أرى أتباعه يضيّعونه" .
ولكن هذه الكلمة هزت أعماقه ، ووضعته أمام نفسه التي يهرب منها ، وظلت تلاحقه من بعد حتى أثبت القدر صدق قائلها الطيب ، حين نطق ( محمد أسد ) بالشهادتين([1]).
([1]) (الإسلام على مفترق الطرق) محمد أسد ص(12)