لم يخطر ببال أحد أن يصبح ذلك المبني الضخم الذي يطل علي شارع الشيخ ريحان من جهة وقصر العيني من جهة أخري والذي أمر الخديو إسماعيل ببنائه عام ١٨٧٨ ليكون مقرا لوزارة للأشغال العامة، جزءاً أساسيا من تاريخ مصر في المراحل التالية،
وأن كل جزء من جدرانه سيشهد علي وقائع تؤرخ للزمن الذي وقعت فيه ليتحول بفعل الحريق الهائل الذي دمره أمس الأول، إلي شاهد «صامت» علي الأحداث في تاريخ مصر.
في دراسة تحت عنوان «رؤية مستقبلية للتصميم الداخلي في تطوير قاعة البرلمان المصري»، تؤرخ د. مروة رجب، لقاعة مجلس الشوري وتاريخها الذي بدأ كمبني لوزارة الأشغال العامة، في عهد الخديو إسماعيل،
فبينما كان أول اجتماعات «مجلس النواب المصري» عام ١٨٦٦ تنعقد في القلعة حيث مقر الخديو إسماعيل تنتقل إلي مبني المحكمة المختلطة بعد انتقال الخديو نفسه إلي قصر عابدين، وأضافت الدراسة: كانت وزارة الري والموارد المائية تنتقل إلي جانب وزارة الأشغال العامة في المبني المطل علي شارع قصر العيني.
وفي عام ١٩١١ وفقا للدراسة وبعد تعاظم دور الحركة الوطنية للمطالبة بالدستور اضطرت سلطات الاحتلال البريطاني أن تنهي النظام الذي ظل مستمرا نحو ثلاثين عاما والقائم علي مجلسين استشاريين ليحل محلهما مجلس واحد حصل علي سلطات تشريعية أكبر، عرف باسم «الجمعية التشريعية» التي اتخذت من القاعة نفسها مقرا لها،
وإن لم تعش طويلا بسبب قيام الحرب العالمية الأولي، حيث أرجئت جلساتها إلي ما بعد نهاية الحرب وظل البرلمان المصري معطلا بعد ذلك لفترة قاربت ١٢ عاما شهدت إعلان الحماية البريطانية علي البلاد ١٩١٤، كما شهدت ثورة ١٩١٩ وانتهت بصدور تصريح ٢٨ فبراير ١٩٢٢، والذي منحت بريطانيا بمقتضاه مصر استقلالا منقوصا إلا أن هذا الاستقلال أعطي المصريين الحق في التمتع بدستور كامل مثل بقية الدول المستقلة.
وتألفت لجنة لوضع الدستور عقدت اجتماعاتها في قاعة أخري من قاعات المجلس المعروفة حاليا باسم «قاعة الدستور»، حيث انتهت إلي شكل جديد للسلطة التشريعية بأن تتكون من مجلسين «النواب والشيوخ» ولكل منهما دور انعقاد في الوقت نفسه.