رجال يعانون بصمت في شهر العسل
إحصاءات عالمية أن نحو 189أظهرت مليون رجل حول العالم يعانون خللاً عضوياً، يحول دون ممارستهم علاقة طبيعية مع زوجاتهم; بسبب فقدان هؤلاء السيطرة، والتحكم بمستوى وأوقات العلاقة الحميمة لفترة زمنية معقولة. ومن المتوقع ازدياد هذا العدد ، خاصة وأن غالبية الرجال يميلون إلى عدم البوح بمشكلاتهم هذه خوفاً من الحرج الاجتماعي، وخصوصاً في منطقة الشرق الأوسط، لأن هذا الموضوع يعد من المحرمات اجتماعيا
ويعتقد العلماء أن 80 إلى 90 في المئة من حالات الضعف تعود أسبابها إلى عوامل جسدية أو مرضية، مثل الإصابة بداء السكري وأمراض القلب وسرطان البروستاتا. أما ال 10 أو ال 20% المتبقية فتعود إلى أسباب نفسية، وفي كلتا الحالتين فإن الأسباب تساهم إلى حد ما في حالة الضعف هذه.
هذه المشكلة كانت مدار نقاش في جلسات مؤتمر الشرق الأوسط وشمالي إفريقيا السنوي الرابع حول الضعف الجنسي الذي عقد في القاهرة بمشاركة أكثر من 160 طبيباً ومتخصصاً من الإمارات ومنطقة الشرق الأوسط وأوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، تناول أبعاد المشكلة والأساليب الجديدة للتعامل معها، في ضوء التقارير الطبية التي تفيد بأن عدم إفصاح المريض عن مشكلته يُعدّ من أهم العوائق التي تواجه الأطباء في علاج هذا الضعف. وتُعرّف دراسة للمعهد الوطني للصحة في الولايات المتحدة الأمريكية، نُشرت خلال المؤتمر، مشكلة الضعف بأنها العجز المتكرر في الحصول على الاستعداد العضوي اللازم للعلاقة الزوجية، والمحافظة عليه خلال العملية. وتعد النتائج النفسية لهذه المشكلة كبيرة جداً، وقد يشعر الرجل الذي يعانيها بعقدة الذنب أو الخجل في أغلب الأحيان، ويجد صعوبة كبيرة في مناقشتها مع شريكة حياته.
وأوضح الأطباء المشاركون أن العوامل التي تزيد من مخاطر واحتمالات الإصابة بالضعف تشمل ارتفاع ضغط الدم ومرض السكري والسُمنة، فضلاً عن التدخين وتناول الكحول بشكل مفرط، وأكدوا أن تلازم هذه العوامل لدى الشخص يتمثل في السمنة عند منطقة البطن وارتفاع نسبة الدهون في الدم وارتفاع ضغط الدم وأعراض مرض السكري. ويواجه المرضى الذين يعانون تلازم هذه العوامل الخطرة احتمالات الإصابة بأمراض القلب والجلطات بسبب تراكم الدهون على جدران الشرايين ومرض السكري. وقال الدكتور ديميتريس هاتزيكريستو، مدير مركز الصحة الجنسية والإنجاب والبروفيسور في جراحة المسالك البولية والتناسلية بجامعة أرسطو في ثيسالونيكي باليونان: (يُصاب ربع الرجال في الأربعينيات من عمرهم والذين يعانون تلازم ارتفاع ضغط الدم ومرض السكري والسمنة بأمراض القلب والشرايين خلال سنتين من ظهور الأعراض الأولية للضعف. وتؤكد التجارب أن علاج أمراض ارتفاع ضغط الدم والسكري والسمنة مع الضعف معاً، بنفس الحبة الدوائية، أنه العلاج الأمثل الذي يمكنه أن يساعد الرجل في حياته الجنسية ويساهم أيضاً في تعزيز صحته عموماً).
العوامل النفسية ويُنظر إلى العوامل النفسية، مثل التوتر، على أنها من العوامل الأساسية المسببة للضعف والناتجة عنه أيضاً، إذ يتوتر المرء ويشعر بالذنب والاكتئاب والاضطراب عند فشله في إتمام العلاقة وقد يستمر ذلك معه لسنوات طويلة. وكانت الدراسة السعودية (الضعف في شهر العسل) التي أعدها البروفيسور سعيد قطان، استشاري المسالك البولية والتناسلية في مستشفى الملك فهد في السعودية وناقشها المؤتمر، أكدت أن القلق وضغوطات الحياة التي تعانيها شعوب المنطقة تمثل نفس درجة خطورة العوامل الأخرى المؤدية إلى الضعف عند الرجال والتي تشمل ارتفاع ضغط الدم ومرض السكري والسمنة. وتناولت الدراسة المشكلات التي يتعرض لها بعض الرجال في الفترة الأولى من حياتهم الزوجية، وخاصة الليالي الأولى من عمر الزواج (شهر العسل). وأشارت إلى أن الرجال المتقدمين في العمر يتعرضون لهذه الحالة أكثر من غيرهم. وأوضحت الدراسة أن الكثير من الرجال يعانون القلق المتعلق بالأداء الجنسي أكثر من الكاَبة، ما يزيد من كدر المتزوجين الجدد، رجالاً ونساءً على حد سواء.
أولى خطوات العلاج يعتقد الباحثون في الحقل الطبي أن أولى خطوات معالجة مشكلة الضعف تتمثل في التغلب على الخجل الذي يعتري الرجال في التعبير عن مشكلتهم سواء مع أطبائهم أو زوجاتهم، ما يزيد من فداحتها. وأوضح الدكتور زهير سكافي، استشاري المسالك البولية والتناسلية في دبي، أن الاعتبارات والقيود الاجتماعية جعلت من مناقشة مشكلات الضعف أمراً صعباً في منطقة الخليج، ولكنه أوضح بأن ارتفاع الوعي العام - الذي جاء نتيجة للحملات الإعلانية والإعلامية المكثفة - أسهم في الانفتاح على مناقشة هذه المشكلة. وأضاف: (إننا نقابل حالياً مرضى يتحدثون عن مشكلاتهم الجنسية بطريقة أكثر انفتاحاً وصراحة ويزورون أطباءهم مع زوجاتهم ويسعون للحصول على العلاج الذي يجعل حياتهم الزوجية أكثر صحة واستقراراً ويحسن من أساليب حياتهم بشكل عام). وأشار الأطباء المشاركون إلى أن علاج مشكلة الضعف لا يتأتى من خلال الأدوية فحسب، بل في تغيير نمط حياة المريض أيضاً وعاداته الشخصية وانفتاحه في التحدث حول مشكلته مع زوجته وطبيبه، حيث إن وجود حوار صحي بين الزوجين يعد ضرورياً للغاية من أجل التغلب على التأثير النفسي والبدني الذي تتركه مشكلة الضعف على الرجل والمرأة على حد سواء. وأشار الدكتور أشرف كرارة، من قطر، إلى أن انتشار ظاهرة الضعف في قطر وبقية دول الخليج سببها المستويات المتدنية لممارسة التمارين الرياضية وارتفاع نسبة السمنة. ولكنه أكد زيادة تقبل المرضى لمناقشة مشكلاتهم ومواجهتها، معتبراً ذلك بداية مرحلة جديدة أكثر انفتاحاً وثقافة لمواجهة هذه المشكلات وطلب العلاج.
جيل جديد من الأدوية أكد الأطباء المشاركون في المؤتمر أن مشكلة الضعف، مشكلة عالمية ويعانيها ملايين الرجال، وأن أفضل طريقة للعلاج تتمثل في فتح مجالات الحوار وتبادل نتائج الأبحاث بين الدول وفي القطاعات الطبية المختلفة.
وشمل المؤتمر عرض سلسلة من الأبحاث الجديدة كان من بينها أول دراسة ميدانية تفاضلية تقارن بين الأدوية المختلفة والمتوافرة في منطقة الخليج العربي ونتائج استخدام الجيل الجديد من أدوية الضعف. وشرح الأطباء أن تفضيل المريض وموقفه الشخصي من العلاج يجعلان من حل مشكلة الضعف مسألة مختلفة تماماً عن العلاج التقليدي بالأدوية، حيث إن علاج هذه المشكلة ليس مسألة سلامة وفعالية الدواء فقط، بل يتعلق أيضاً بردة فعل المريض للعلاج ونوعية أساليب حياته وعلاقته مع الزوجة. وذكر الأطباء أن الجيل الجديد من أدوية معالجة الضعف يعتمد على الأمان والفاعلية، فهناك أدوية تتيح للمرضى إقامة علاقة حميمة ناجحة في غضون ثلاثين دقيقة من تناول الدواء، بغض النظر عن النظام الغذائي أو كمية الطعام الذي يتناوله الشخص ، كما أن هذه الأدوية تحافظ على مفعولها وتضمن استجابة ناجعة لمدة تصل إلى 36 ساعة. ومن بين أساليب العلاج الجديدة عقار (سياليس ) لعلاج الضعف، وهو دواء يستخدم عن طريق الفم أثبت فعاليته لدى مرضى السكري على وجه الخصوص ، بينما استطاع الرجال المتقدمون في السن استعادة نشاطهم والمحافظة على أساليب حياتهم لفترات طويلة.