روميو المشرف العام
عدد الرسائل : 257 تاريخ التسجيل : 30/04/2008
| موضوع: غزوة الاحزاب الأحد مايو 04, 2008 10:18 pm | |
| غزوة الاحزاب
<table id=AutoNumber25 style="BORDER-COLLAPSE: collapse" borderColor=#111111 cellSpacing=0 cellPadding=0 border=0><tr><td width="100%"></TD></TR></TABLE> | عاد الأمن والسلام ، وهدأت الجزيرة العربية بعد الحروب والبعوث التي استغرقت أكثر من سنة كاملة ، إلا أن اليهود ـ الذين كانوا قد ذاقوا ألواناً من الذلة والهوان نتيجة غدرهم وخيانتهم ومؤامراتهم ودسائسهم ـ لم يفيقوا من غيهم ، ولم يستكينوا ، ولم يتعظوا بما أصابهم من نتيجة الغدر والتآمر . فهم بعد نفيهم إلى خيبر ظلوا ينتظرون ما يحل بالمسلمين من خلال المناوشات التي كانت قائمة بين المسلمين والوثنيين ، ولما تحول مجرى الأيام لصالح المسلمين ، وتمخضت الليالي والأيام عن بسط نفوذهم ، وتوطد سلطانهم ـ تحرق هؤلاء اليهود أي تحرق .وشرعوا في التآمر من جديد على المسلمين ، وأخذوا يعدون العدة ، لتصويب ضربة إلى المسلمين تكون قاتلة لا حياة بعدها . ولما لم يكونوا يجدون في أنفسهم جرأة على قتال المسلمين مباشرة ، خططوا لهذا الغرض خطة رهيبة .خرج عشرون رجلاً من زعماء اليهود وسادات بني النضير إلى قريش بمكة ، يحرضونهم على غزو الرسول(صلى الله عليه وسلم) ، ويوالونهم عليه ، ووعدوهم من أنفسهم بالنصر لهم ، فأجابتهم قريش ، وكانت قريش قد أخلفت موعدها في الخروج إلى بدر ، فرأت في ذلك إنقاذا لسمعتها والبر بكلمتها .ثم خرج هذا الوفد إلى غَطَفَان ، فدعاهم إلى ما دعا إليه قريشاً فاستجابوا لذلك ، ثم طاف الوفد في قبائل العرب يدعوهم إلى ذلك فاستجاب له من استجاب ، وهكذا نجح ساسة اليهود وقادتهم في تأليب أحزاب الكفر على النبي(صلى الله عليه وسلم) والمسلمين .وعلى إثر ذلك خرجت من الجنوب قريش وكنانة وحلفاؤهم من أهل تهامة ـ وقائدهم أبو سفيان ـ في أربعة آلاف ، ووافاهم بنو سليم بمَرِّ الظَّهْرَان ، وخرجت من الشرق قبائل غطفان : بنو فَزَارة ، يقودهم عُيينَة بن حِصْن ، وبنو مُرَّة، يقودهم الحارث بن عوف ، وبنو أشجع ، يقودهم مِسْعَر بن رُحَيلَةِ ، كما خرجت بنو أسد وغيرها .واتجهت هذه الأحزاب وتحركت نحو المدينة على ميعاد كانت قد تعاقدت عليه .وبعد أيام تجمع حول المدينة جيش عَرَمْرَم يبلغ عدده عشرة آلاف مقاتل ، جيش ربما يزيد عدده على جميع من في المدينة من النساء والصبيان والشباب والشيوخ .ولو بلغت هذه الأحزاب والمحزبة والجنود المجندة إلى أسوار المدينة بغتة لكانت أعظم خطراً على كيان المسلمين مما يقاس ، وربما تبلغ إلى استئصال الشأفة وإبادة الخضراء ، ولكن قيادة المدينة كانت قيادة متيقظة ، لم تزل واضعة أناملها على العروق النابضة ، تتجسس الظروف ، وتقدر ما يتمخض عن مجراها ، فلم تكد تتحرك هذه الجيوش عن مواضعها حتى نقلت استخبارات المدينة إلى قيادتها فيها بهذا الزحف الخطير .وسارع رسول الله(صلى الله عليه وسلم) إلى عقد مجلس استشاري أعلى ، تناول فيه موضوع خطة الدفاع عن كيان المدينة ، وبعد مناقشات جرت بين القادة وأهل الشورى اتفقوا على قرار قدمه الصحابي النبيل سلمان الفارسي رضي الله عنه . قال سلمان : يا رسول الله ، إنا كنا بأرض فارس إذا حوصرنا خَنْدَقْنَا علينا . وكانت خطة حكيمة لم تكن تعرفها العرب قبل ذلك .وأسرع رسول الله(صلى الله عليه وسلم) إلى تنفيذ هذه الحظة ، فوكل إلى كل عشرة رجال أن يحفروا من الخندق أربعين ذراعاً ، وقام المسلمون بجد ونشاط يحفرون الخندق ، ورسول الله(صلى الله عليه وسلم) يحثهم ويساهمهم في عملهم هذا . ففي البخاري عن سهل بن سعد ، قال : كنا مع رسول الله في الخندق ، وهم يحفرون ، ونحن ننقل التراب على أكتادنا ، فقال رسول الله(صلى الله عليه وسلم) " : اللهم لا عَيشَ إلا عيشُ الآخرة ، فاغفر للمهاجرين والأنصار " .وعن أنس : خرج رسول الله(صلى الله عليه وسلم) إلى الخندق فإذا المهاجرين والأنصار يحفرون في غداة باردة ، فلم يكن لهم عبيد يعملون ذلك لهم ، فلما رأى ما بهم من النصب والجوع قال :اللهم إن العيش عيش الآخرة
|
| فاغفـر للأنصـار والمهـاجرة
| فقالوا مجيبين له :نحـن الذيـن بايعـوا محمـداً
|
| على الجهـاد ما بقيـنا أبداً
| وفيه عن البراء بن عازب قال : رأيته(صلى الله عليه وسلم) ينقل من تراب الخندق حتى وارى عني الغبار جلدة بطنه ، وكان كثير الشعر ، فسمعته يرتجز بكلمات ابن رواحة ، وهو ينقل من التراب ويقول: اللهم لولا أنت ما اهتدينا فأنزلن سكينـة علينـا إن الألى بغـوا علينـا |
| ولا تصـدقنـا ولا صلينــاوثبت الأقـدام إن لاقينـــا وإن أرادوا فتـنـة أبينـــا | قال : ثم يمد بها صوته بآخرها ، وفي رواية :إن الألى قـد بغـوا علينـا
|
| وإن أرادوا فـتنـة أبينـا
| كان المسلمون يعملون بهذا النشاط وهم يقاسون من شدة الجوع ما يفتت الأكباد ، قال أنس : كان أهل الخندق يؤتون بملء كفي من الشعير ، فيصنع لهم بإهَالَةٍ سنخة توضع بين يدي القوم ، والقوم جياع ، وهي بشعة في الحلق ولها ريح .وقال أبو طلحة : شكونا إلى رسول الله(صلى الله عليه وسلم) الجوع ، فرفعنا عن بطوننا عن حجر حجر ، فرفع رسول الله(صلى الله عليه وسلم) عن حجرين .وبهذه المناسبة وقعت أثناء حفر الخندق آيات من أعلام النبوة ، رأى جابر بن عبد الله في النبي(صلى الله عليه وسلم) خمصاً شديدًا فذبح بهيمة ، وطحنت امرأته صاعاً من شعير ، ثم التمس من رسول الله(صلى الله عليه وسلم) سراً أن يأتي في نفر من أصحابه ، فقام النبي(صلى الله عليه وسلم) بجميع أهل الخندق ، وهم ألف ، فأكلوا من ذلك الطعام وشبعوا ، وبقيت بُرْمَة اللحم تغط به كما هي ، وبقي العجين يخبز كما هو .وجاءت أخت النعمان بن بشير بحَفْنَة من تمر إلى الخندق ليتغدى به أبوه وخاله ، فمرت برسول الله(صلى الله عليه وسلم) ، فطلب منها التمر ، وبدده فوق ثوب ، ثم دعا أهل الخندق ، فجعلوا يأكلون منه وجعل التمر يزيد ، حتى صدر أهل الخندق عنه ، وإنه يسقط من أطراف الثواب . | |
|